اللباس الياباني التقليدي “الكيمونو”، معناه وتاريخ تطوره وأنواعه!
دائماً ما نسمع باسم اللباس التقليدي الياباني “الكيمونو” ونراه كثيراً في المهرجانات والمناسبات اليابانية. ودائماً ما يقول المعجبون بالثقافة اليابانية وملابسها أنهم يريدون تجربة ارتداء الكيمونو. ولكن هل تساءلتم من قبل ماذا يعني كيمونو بالأصل؟ وكيف بدأ تاريخ الكيمونو في التطور والازدهار؟
وربما كثير منكم لايميز بين أنواع الكيمونو وأوقات ارتدائه. لذا في هذه المقالة سأقدم لكم معنى وأصل الكيمونو وتاريخ تطوره وأكثر الأنواع شهرةً واستعمالاً بين اليابانيون.
ما هو الكيمونو
هو اللباس التقليدي الطويل في اليابان. وعند تفكيك مقاطع كلمة كيمونو (着物)، نجد أن الكانجي الأول “كي” (着) هو فعل ويعني “ارتداء شيء أعلى الجسم”، أما الكانجي الثاني “مونو” (物) يعني “شيء”. وهكذا يصبح معنى الكلمة “ارتداء الشيء على الجسم”.
ومع مرور الزمن أصبحت هذه الكلمة تُستعمل للإشارة للزي الياباني التقليدي بجميع أنواعه. فالكيمونو بشكل عام هو عبارة عن ثوب على شكل حرف T وهو طويل يمتد طوله من الرقبة حتى كاحل القدمين وله أكمام طويلة وعريضة. ويُعرف بألوانه الزاهية والرموز والأنماط المنوعة التي تُنقش عليه. ويُلف الكيمونو حول الجسم ويتم تثبيته بحزام عريض يُدعى “الأوبي” يصل طوله حوالي 4 أمتار ونصف يتم ربطه من الخلف لإحكام تثبيته حول الجسم.
ويرافق ارتداء الكيمونو عادةً زوج من الأحذية التقليدية تُدعى “غيتا” مع زوج من الجوارب التي تكون منفصلة من عند إبهام القدم وتدعى “تابي” وهي مناسبة جداً لجميع المواسم. ويرتدي الكيمونو بشكل عام كل من الرجال والنساء والأطفال والكبار.
تاريخ تطور الكيمونو
تأثر أقدم أشكال الكيمونو بالثقافة الصينية التي انتقلت إلى اليابان عبر التجارة والهجرة. وقد كان يُطلق عليه في حوالي القرن الخامس عشر كلمة “غوفوكو” ويعني “ملابس”. ومع بداية فترة هييان (794 – 1185م) التي ازدهرت فيها صناعة الملابس وتجارة الحرير وصبغ الثياب، بدأ الكيمونو يتغير شكله وبرز طرازه أكثر ولكن في ذلك الوقت كان يُلبس فوقه مريلة مثل الغطاء كبيرة.
وبعدها في فترة موروماتشي (1338 – 1573م) انتشر كيمونو يُدعى “كوسوده” وهو عبارة عن كيمونو مكون من طبقة واحدة، وكان يُعتبر لباساً داخلياً يتم ارتدائه بدون بنطال “الهاكاما” فوقه. ولذلك تم استعمال الحزام “أوبي” العريض من أجل تثبيته . ويُعرف “الهاكاما” بأنه لباس يشبه التنورة وأحياناً يكون مجزأ أو غير مجزأ، فيكون شبيه للبنطال العريض.
ثم في فترة إيدو (1603-1868م) ظهرت تغيرات أخرى على الكيمونو مثل ازدياد طول الأكمام وخاصةً عند النساء الغير متزوجات، وازداد انتشار حزام “أوبي” بشكل أوسع نظراً لتنوع ألوانه وتطريزاته المنوعة والجميلة.
أما في فترة ميجي (1868-1912م) وهي الفترة الأولى من تاريخ اليابان المعاصر، تأثر الكيمونو ببعض أنواع الزينة الحديثة بسبب تطور طرق الصباغة والنسيج مما أصبح هناك الكثير من أنواع الأحزمة “أوبي” التي كانت تضفي لمسة مميزة للكيمونو. وهكذا استمر شكل الكيمونو كما هو لحتى يومنا هذا دون حدوث تغيرات جذرية.
ولكن بسبب دخول الملابس الغربية في تلك الفترة قل استعمال الكيمونو وأنواعه في الحياة اليومية، ولكن حافظت اليابان على ارتداء الكيمونو في المناسبات مثل: حفلات الزفاف والمهرجانات وحفلات الشاي واحتفالات رأس السنة وإلخ.
أنواع الكيمونو
لقد مرت اليابان في كل فترة بتغيرات وتطورات وأحداث كثيرة، نتج عن ذلك وجود أنواع كثيرة للكيمونو خاصةً كيمونو النساء، أما كيمونو الرجال معروف دائماً بألوانه الأحادية دون وجود زينة، وأحياناً يتم ارتداء “الهاكاما” خاصةً في المناسبات الرسمية. ولكن مع مرور الزمن أصبحت النساء أيضاً ترتدي “الهاكاما” بألوان متعددة.
أما بالنسبة لأنواع الكيمونو فهي كثيرة ومنها ما يتم ارتدائه في الزفاف وآخر فقط للجنازة. كما يوجد أنواع يتم ارتداؤها في المناسبات الشعبية أو في المناسبات الرسمية. ولكن بسبب كثرة أنواع الكيمونو النسائية قد يُصعب على العرب والسياح التمييز بينهم، لذا سأقدم أشهر وأكثر الأنواع شيوعاً وهي كالتالي:
1- كرو توميسوديه (黒留袖)
يتميز هذا النوع من الكيمونو بأكمامه القصيرة وغالباً يكون لونه قاتم مثل اللون الأسود بدرجاته، ويشتهر بالزينة الراقية في النصف السفلي مثل زينة الزهور. وفي كثير من الاحيان يُوضع عليه ختم للدلالة على عائلة المرأة التي ترتديه. وهو أول كيمونو ترتديه المرأة المتزوجة في المناسبات الرسمية مثل حفلات الزفاف والاستقبال، وترتديه أيضاً المرأة المطلقة في المناسبات الرسمية.
2- ايرو توميسوديه(色留袖)
وعلى عكس “كرو توميسوديه” الأسود، يتميز هذا النوع بألوان زاهية التي تعزز الأنوثة مثل اللون الوردي اللطيف والأخضر المشرق والأزرق البارد والبيج والخ. وهو أقل رسمية من “كرو توميسوديه”. وترتديه عادةً النساء المتزوجات وغير المتزوجات في مناسبات رسمية مثل حفلات زفاف غير الأقارب.
لكن أحياناً يتم الخلط بينه وبين “كيمونو الزيارات” الذي سأشرحه تالياً، لكن سأوضح الفرق البارز بينهما. كيمونو “ايرو توميسوديه” تتركز فيه الزينة في النصف السفلي منه ولا يوجد أي زينة حول الصدر، وهو أكثر رسمية من “كيمونو الزيارات” والذي يتميز بوجود نقوش الزينة عند الصدر وفي النصف السفلي وتكون واضحة جداً.
3-هومونوغي “كيمونو الزيارات” (訪問着)
هومونوغي ويعني حرفياً “كيمونو الزيارات” ويتميز بأنه مكون من لون أحادي وعادةً تكون الألوان مشرقة وزاهية، بينما تتركز الزينة والنقوش في أسفل الكيمونو وفي النصف العلوي على الأكمام وحول الصدر بغض النظر عن طويات الكيمونو. وتتنوع أنماط الزينة والنقوش من أنماط كلاسيكية و زهور حديثة وغريبة.
ويرتدي هذا النوع من الكيمونو جميع النساء بغض النظر عن العمر وسواء كانوا متزوجات أو غير متزوجات. ويعد هذا الكيمونو مفيد جدًا حيث يتم ارتدائه في كثير من المناسبات سواء رسمية أو غير رسمية على نطاق واسع. مثل حفلات الزفاف وحفلات الشاي كضيفة، وفي زيارات الضرائح و حفلات التخرج ومراسم دخول الجامعة والخ.
4- فوريسوديه (振り袖)
وهو كيمونو يعود لفترة إيدو وغالباً ما يُصنع من الحرير. ويقال أن أصل كلمة فوريسوديه (振り袖) مشتقة من كلمة “سوديه ؤ فورو” ( 袖を振る) وتعني “الأكمام المهتزة”، مما يدل على أن هذا النوع من الكيمونو يتميز بطول أكمامه مقارنةً مع الأنواع الأخرى. وعادةً ترتديه النساء الغير متزوجات في حفلات ومناسبات كثيرة حيث يمتاز بكثرة استعماله.
كما ويوجد أنواع تتفرع من كيمونو فوريسوديه تختلف فيها طول الأكمام وتسمى كالتالي:
– أو فوريسوديه: ويمتلك أكمام طويلة وقد تصل أحياناً للأرض، وتقليدياً يتم ارتدائه في الزفاف الكلاسيكي أو في مناسبات رسمية، كما يُستعمل كزي للزفاف التقليدي للعرائس.
-تشو فوريسوديه: يمتلك أكمام متوسطة ويتميز بألوانه ونقوشه الكثيرة، وتلبسه النساء الغير متزوجات كثيراً في الحفلات بجميع أنواعها وفي مراسم الاستقبال والتخرج والخ.
– كو فوريسوديه: يمتلك أكمام قصيرة وعادةً يتم ارتداء “الهاكاما” فوقه. وهو مناسب جداً لحفلات التخرج ويتميز بخفته وسهولة الحركة وشكله لطيف جداً.
5- تسوكيساغيه (付け下げ)
وهو تقريباً مشابه للهومونوغي الذي شرحته سابقاً، ولكن هذا النوع تكون النقوش والتطريزات فيه صغيرة جداً وناعمة. وعادةً يتم ارتدائه في حفلات الشاي وترتيب الزهور أو حتى حفلات الزفاف.
6- ايروموجي (色無地)
يتميز هذا النوع من الكيمونو بلونه الأحادي. فلا يوجد زينة أو زخارف عليه، ولكن أحياناً توجد بعض النقوش مبطنة في داخله. وهو من أكثر أنواع الكيمونو استعمالاً بين النساء المتزوجات والغير متزوجات سواء صغار أو كبار. ويُستعمل كثيراً في المواقف الغير رسمية كزي يومي مثلاً.
7-يوكاتا (浴衣)
من أشهر أنواع الكيمونو في الصيف لخفته وسهولة لبسه. حيث يتكون من طبقة واحدة مصنوعة من القطن أو الحرير فيكون مناسباً لحر الصيف. ويتميز بألوانه الزاهية والمشرقة والنقوش المنوعة والكثيرة. وعادةً يرتديه اليابانيون رجالاً ونساءً خاصةً في المهرجانات الصيفية.
8- موفوكو “زي الحداد” (喪服)
هذا الكيمونو يمتاز بلونه الأسود مع جميع أغراض الزينة المتعلقة به مثل الحزام “أوبي”. وله مقاسات مختلفة حيث يرتديه كلاً من النساء والرجال في الجنازات. كما يتم ارتدائه بعد الجنازة للحداد.
9- كومون (小紋)
وهو كيمونو يتميز بوجود أنماط أو زينة على قماشه صغيرة وتتكرر هذه الأنماط في اتجاه واحد. ويُصنع عادةً من الحرير أو البلوليستير وأحياناً من الصوف. وقد شاع ارتدائه منذ القدم من قبل جميع النساء في جميع الأعمار في الحياة اليومية، وذلك لأن شكله عادي إذ لا يوجد عليه نقوش أو أنماط بارزة ومميزة كالأنواع الأخرى.
10-أوتشكاكيه (打掛)
هذا النوع من الكيمونو يعد رسمي جداً وأصبح يُستعمل بشكل أكثر بعد فترة موروماتشي، ولا يُستعمل في هذا النوع الحزام، لأنه يتم ارتدائه فوق الكيمونو الأصلي. ويمتاز بأنه طويل أكثر من الكيمونو العادي، ويرتديه عادةً الممثلات في العروض والمسارح. وهو شائع أكثر خاصةً اللون الأحمر والأبيض للعروس في حفل الزفاف التقليدي.
عروس تلبس كيمونو زفاف وفوقه “كيمونو أوتشكاكيه” بجانبها العريس يلبس كيمونو مع بنطال “الهاكاما”
11- شيروموكو (白無垢)
ويعني الأبيض الناصع وهذا النوع من الكيمونو ترتديه العروس في حفل الزفاف. وعند تقطيع كلمة شيروموكو (白無垢) نجد أن الكانجي الأول “شيرو” (白) يعني “أبيض” و”موكو” ( 無垢) يعني “البراءة”.وهذا يعني أن الكيمونو لونه أبيض ناصع ونقي ليدل على نقاوة قلب العروس وجماله.
ويتميز هذا النوع بكثرة طبقاته وتعقيدة تركيبه مما يجعله ثقيلاً في المشي. ويوجد لهذا الكيمونو الكثير من الزينة والاكسسوارات. وعادةً ترتدي العروس معه غطاء على الرأس يسمى “تسونوكاكوشي” ويعني الركُن المخفي. أعتقد أن هذا الاسم يدل على أن الغطاء هو من أجل إخفاء جمال العروسة تحته.
12- هيكيزوري(引きずり)
وهو كيمونو طويل جداً حيث يصل طوله لأكثر من مترين. وعند ارتدائه يتم اظهار جزء خفيف من الرقبة من الخلف كطريقة لجذب الانتباه. وهذا النوع يلبسه عادةً “الغيشا” الفنانات اللواتي يقدمن الرقصات التقليدية على المسارح ويقمن بالعزف والغناء بطرق راقية للغاية.
13-جوني هيتويه (十二単)
وهو كيمونو فاخر للغاية ومعقد التركيب وثقيل جداً، حيث يتكون من اثني عشر طبقة مصنوع من الحرير، لذلك هو باهظ الثمن. ويرتديه الأميرات والنساء في البلاط الإمبراطوري في المناسبات الرسمية والتقليدية
الملخص
في هذه المقالة قدمتُ لكم أشهر وأكثر أنواع الكيمونو شيوعاً واستعمالاً في اليابان، ومع ذلك مازال هناك الكثير من الأنواع العديدة للكيمونو. فعلى الرغم من تطور اليابان فنجد أن اليابانيون مازالوا محافظين على الكيمونو وأنواعه منذ القدم، ويرتدونه في الكثير من المناسبات والاحتفالات وحتى في الحياة اليومية. وهذا لأن الكيمونو له مكانة خاصة في قلوب اليابانيين إذ يعبر عن تاريخ اليابان العريق وفخر ثقافتها الجميلة.
وبالطبع كما لاحظنا أن الكيمونو يناسب الذوق العربي والمسلمين كثيراً، لذا إذا أُتيحت لكم الفرصة حاولوا تجربة ارتداء الكيمونو والتنزه به في المهرجانات والأماكن التقليدية، ولا تنسوا أخذ الصور التذكارية لصنع ذكريات جميلة لا تُنسى.أتمنى أن تحظوا بتجربة ممتعة وجميلة مع أحبائكم وأصدقائكم.
مقال مميز فاطمة…
لم لكن اعرف ان الكيمونو يحمل في طياته كل هذه التفاصيل من الثقافة اليابانية….
ماذا عن المقاتلين اليابان خل كان لهم كيمونو محدد طهل حركاتهم حتى كونوا دائما على
اهبة الاستعداد،؟؟
شكراً جزيلاً لك على القراءة! نعم إنه مليء بالطيات والتفاصيل الجميلة! لقد كان الساموراي والزعماء يلبسون كيمونو مع “هاكاما” وهو البنطال العريض الذي يشبه التنورة وقد شرحت عنه في المقالة. وأحياناً لا يلبسوه، فهذا يعتمد على الموقف ونوع الكيمونو. وكانو يربطون حول خصرهم حزام بالقماش يتم تثبيت السيف به. إنهم مستعدون دائما للقتال في زي الكيمونو فهو سهل الحركة ولا يلبسون طبقات كثيرة مثل النساء. أما في حالة المعركة فهناك لباس خاص ودروع خاصة. وكما يوجد لباس خاص في وقت ممارسة الرياضة والصيد والقتال التدريبي. أوصي بمشاهدة بعض الأفلام اليابانية التاريخية للتعرف على اللباس الياباني وثقافتها بتعمق.
عندي إضافة بخصوص كيمونو العروسة شيروموكو
اتمنى التأكيد اذا كانت المعلومة صحيحة وهي:
اليابانين يلبسون الأبيض وقت العزاء او الموت وذلك لتشبيه بأن الروح بيضاء ، فعند بداية عقد الزواج تلبس العروسة الأبيض لتمثل انتهاء مرحلة وعند إتمام العقد في نفس اليوم تلبس الألوان الزاهية لتمثل الانتقال الى المرحلة الأخرى 😊
شكراً جزيلاً لك على الاهتمام في اخبارنا رأيك.
في الواقع هذه المعلومة تقريباً ليست صحيحة، فاليابانيون يرتدون اللون الأسود وقت العزاء وعند زيارة القبر، ولايوجد علاقة بين اللون الأبيض والروح.
واللون الأبيض الذي ترتديه العروس هو ليدل على النقاء والبراءة، أما الكيمونو الذي يحتوي على عدة ألون الذي ترتديه العروس، له عدة معاني تعتمد على الأنماط والرموز المنقوشة عليه وجميعها معاني جميلة. عادةً يتم اخبار العروس بالمعاني عند الذهاب لاختيار الكيمونو.