هل هناك تشابه بين ثقافة اليابان والعالم العربي؟ نُقدم لكم نقاط عامة يشترك فيها اليابانيون مع العرب!
للثقافة والعادات اليابانية مميزات عدة وجميلة استمرت حتى يومنا هذا محافظةً على جمالها، لنراه في كل مكان سواء من خلال التعامل مع اليابانيون مباشرةً أو من خلال مشاهدتهم عن بعد، أو حتى من خلال الدراما والأفلام والأنمي الذين لعبوا دور كبير في نقل ثقافة اليابان للعالم، ولاننسى الكتب اليابانية كالروايات والقصص والخ.
وبهذا يمكن القول أن الكثير منكم على دراية عامة حتى وإن كانت قليلة عن اليابان وثقافتها وعاداتها، ولكن هل تساءلتم أو شعرتم بوجود تقارب بين ثقافة اليابان والعالم العربي؟ في الواقع، إن اليابان قريبة جداً وتشترك مع ثقافة وعادات العالم العربي في كثير من الأمور.
ومن تعمق في ثقافة اليابان يدرك هذا الشيء تماماً، ولكن في ماذا تشترك اليابان مع العالم العربي؟ حسناً هناك نقاط كثيرة، وفي هذه المقالة سأقدم لكم عشرة منها. لنبدأ جولتنا في عالم الثقافة اليابانية!
حسن الكرم والضيافة
الحرص على راحة الضيف وإكرامه في الضيافة هي عادة وأخلاق حسنة منتشرة في اليابان منذ القدم، حيث يحرصون على تقديم المشروبات والحلوى أو الطعام اللذيذ للضيف، ومن أشهر عادات الضيافة هو تقديم الشاي والحلوى سواء تقليدية أو عصرية.
وكما يحرصون على تقديم أفضل مالديهم للضيف، حتى وإن لم يكن هناك حلوى أو مشروب متوفر في المنزل فإنهم يحضرونها قبل مجيء الضيف للحرص على ضيافته بشكل جيد. أما عند دعوة الضيف على الطعام، فأنهم يحرصون على ترتيب المائدة وأطباق الطعام بحيث يستطيع الضيف التناول بكل أريحية.
وكما يهتمون بمعرفة إذا كان للضيف حساسية أو لا يستطيع تناول مكون معين في الطعام، فعادةً سيتم سؤال الضيف بما لايحب ولا يستطيع تناوله للحفاظ على راحته وعدم إجباره على تناول شيء غير مرغوب به.
أما أثناء الحديث فإن اليابانيون ودودين للغاية ويحبون الضحك والاستماع لقصص الضيف، ويحرصون على جعله يشعر وكأنه في منزله تماماً.
الاهتمام بالجار
يوجد عادة جميلة في اليابان وهو عند السكن في مكان جديد، يقومون بإرسال هدايا بسيطة لجيرانهم للتعبير عن الرغبة في تكوين علاقات جيدة معهم. وتتنوع هذه الهدايا من حلويات أو أغطية يابانية تقليدية لعلب الطعام والخ. ويحرص اليابانيون على العيش بهدوء بحيث لا يزعجون جيرانهم، مثل عدم تشغيل موسيقى بصوت مرتفع، وعدم المناداة بصوت عالٍ والصراخ والخ.
وهناك الكثير من اليابانين يحبون إرسال حلوى أو طعام من وقت لآخر لجيرانهم، أو حتى هناك من يرسل الخضار والفواكه. وقد لاحظتُ هذه العادة منتشرة جداً في اليابان، فإذا ذهبتم إلى اليابان وسكنتم في مكان فيه جيران، فقد يطرق عليكم أحدهم ويهيدكم حلوى أو خضار تعبيراً عن الترحيب أيضاً!
كما يحب اليابانيون إلقاء التحية والسلام عند رؤية جيرانهم خارجين من المنزل أو راجعين له، مثل قول “أوهايو جوزايماسُ” صباح الخير، و”كونبانوا” مساء الخير، و”أوتساكاري ساما ديسُ” يعطيك العافية والخ، وقد يقومون بانحناء الرأس بشكل بسيط أو تحريك اليد كما في الصورة للتعبير عن القاء التحية. حيث يحرصون على المحافظة على علاقة جيدة وإبهاج جارهم حتى وإن كان بكلمة بسيطة.
استعمال مبلغ نقدي كمباركة أو عيدية في المناسبات
يوجد في اليابان عادة مشهورة وهو استعمال مبلغ نقدي من المال كهدية في المناسبات، والجميل في هذه العادة اللطيفة التي تشترك مع العالم العربي، هو أن اليابانيون يحبون وضع المال في ظرف مخصص له. حيث يوجد في اليابان أنواع مختلفة من مظاريف المال، والتي تختلف زينتها حسب المناسبة والشخص المُهدى.
ومن أشهر المناسبات التي يقدم فيها اليابانيون المال، مناسبة بداية العام الجديد، حيث يقدمون للأطفال مبلغ نقدي يُدعى “أوداشيما”. وأيضاً مناسبات أخرى مثل ولادة الطفل، وقبول الطفل في المدرسة حيث يقوم الجد والجدة بإهدائه مبلغاً من المال في ظرف جميل.
وهناك أيضاً مناسبات رسمية أكثر، مثل حفلات الزفاف، حيث تكون الهدية اليابانية التقليدية هو إعطاء مبلغ من المال للزوجين. ويراعى تقديم المال في ظرف مناسب لحفل الزفاف، حيث يتوفر أنواع متعددة لمظاريف المال بزينات كثيرة تناسب جميع المناسبات في المتاجر والمحلات اليابانية.
وقد تكون هذه المعلومة جديدة على الكثير وهو أن اليابانيون يقدمون أيضاً المال في الجنازات، حيث يتم وضع المال في ظرف مناسب عادةً تكون عليه أزهار ليلي بيضاء.
في النهاية استعمال المال كهدية وعيدية صفة مشتركة بين اليابانيون والعرب، وبالتأكيد قد يختلف مبلغ المال بناءً على العلاقة مع الشخص والعمر والحالة الاجتماعية وما إلى ذلك.
الحرص على تكوين أسرة متماسكة
يحرص اليابانيون على تكوين أسرة متماسكة ضمن نظام شرعي. فالثقافة اليابانية محافظة وتحرص على استمرار نسل العائلة بالطريق الصحيح، كما هو الحال في العالم العربي. فعند الزواج يتشارك الزوجان المهام المنزلية ويحرصان على دعم بعضهما البعض بالطريقة التي تناسبهما.
وكما يهتم اليابانيون على استمرار التواصل مع الأهل والأقارب، سواء بالمكالمات أو بالرسائل والهدايا البريدية إذا كانوا بعيدين عن بعضهم البعض. وأيضاً يقومون بالزيارة في المناسبات ومن وقت لآخر، كما نقول في اللغة العربية “يهتمون بصلة الرحم”.
وأهم الأقارب التي يحب الأطفال زيارتهم مع والديهم هو منزل الجد والجدة حيث الحنان والراحة، فعادةً يقوم كثير من الأطفال في اليابان بقضاء العطلة بالمبيت في منزل الجد والجدة.
خلع الحذاء عند دخول المنزل
هذه العادة مشهورة في اليابان ومعروفة منذ قديم الزمان، فلا يدخل أحد المنزل إلا بعد أن يخلع الحذاء عند عتبة الباب. ويعد دخول المنزل بالحذاء تصرف سيء وغير محبب أبداً في اليابان. وللحفاظ على هذه العادة يتم تصميم معظم المنازل والشقق في اليابان مع مساحة صغيرة عند باب المنزل، تكون الأرضية فيها في موضع أدنى من أرضية المنزل الأساسية.
في هذه المساحة يتم خلع الحذاء وتوجيه مقدمته باتجاه باب المنزل، وذلك حتى يسهل لبسه عند الخروج كما هو موضح في الصورة. وعادةً يكون هناك نعال منزلية مصطفة فوق على أرضية المنزل لارتدائها فور خلع الحذاء. ولكن عند زيارة أحد في منزله ولم تكن هناك نعال متوفرة، يمكن المشي بالجوارب ولكن إذا لم تكونوا مرتدين الجوارب، فلن يكن تصرف جميل المشي بقدمين عاريتين، ولذلك يفضل اصطحاب جوارب في الحقيبة للاحتياط.
الاهتمام بالنظافة الشخصية عند استعمال الحمام
تحدثنا قبل قليل عن خلع الحذاء عند دخول المنزل وارتداء النعال المنزلية، ولكن إلى جانب ذلك يوجد أيضاً نعال مخصصة للحمام. أي يتم ارتدائها فقط للحمام وهذه عادة مهمة جداً عند العرب أيضاً. وكما أن الحمامات اليابانية يتوفر فيها نظام استعمال المياه في المرحاض، وهذا النظام أصبح في الآونة الأخيرة منتشر في اليابان، سواء نظام تقليدي أو حديث.
حيث انتشرت المراحيض مع لوحة تحكم للمياه في الكثير من المنازل اليابانية، حتى عند شراء المنزل ستكون هذه اللوحة مُجهزة مسبقاً أو يتم تجهيزها فور السكن. وتتميز هذه المراحيض بنفاثات للمياه متعددة مع خيارات أخرى مذهلة، مثل خاصية تدفئة مقعد المرحاض خاصةً في فصل الشتاء وغيرها من خدمات متوفرة في هذا المرحاض الحديث.
وبالتأكيد غسل اليدين أمر مهم، وبهذا نجد أن ثقافة استعمال الحمام في اليابان متشابهة مع الثقافة العربية من حيث النظافة.
اللباس المحتشم
من المعروف أن اللباس الياباني يمتاز بالستر والاحتشام منذ قديم الزمان، فاللباس الياباني التقليدي “الكيمونو” بجميع أنواعه محتشم وواسع وله أكمام واسعة. هذا اللباس الجميل حافظ عليه اليابانيون حتى يومنا هذا ليتم ارتدائه في الكثير من المناسبات والمهرجانات والزيارات.
أما بالنسبة للباس العصري وبعد دخول ثقافة الغرب إلى اليابان، أصبح من المألوف ارتداء تنانير متوسطة وقصيرة أو قمصان بلا أكمام والخ. ولكن نلاحظ أن موضة اللباس الياباني تشترك بمميزات عدة منها، الملابس الواسعة والتي تغطي الجسم بطريقة محتشمة.
حيث تميل الكثير من اليابانيات إلى ارتداء الفساتين والتنانير الطويلة بشكل شائع جداً، هذا إلى جانب القمصان والجاكيت الطويل والمتوسط مناسب المقاس أو واسع بعض الشيء. وهذا الستايل مشهور جداً يمثل المرأة اليابانية.
أما في الصيف عادةً تميل اليابانيات إلى ارتداء المزيد من الملابس لحماية بشرتهن من حرارة الشمس، مثل الفساتين الطويلة أو متوسطة الطول، مع جاكيت بأكمام طويلة وغيرها من موديلات.
ولكن لابد من الانتباه أن اليابانيات بشكل عام لايرتدين ملابس عارية تظهر مفاتن الجسد بل يحرصن على تغطية منطقة الصدر والظهر. وهناك عادة مشهورة هو أنه عندما تتزوج الفتاة اليابانية تزيد من ارتداء اللباس المحتشم والواسع. وهنا نجد أن ثقافة اليابان محافظة وتميل إلى الستر بطرق جميلة، وستلاحظون ذلك عند التسوق في متاجر الملابس اليابانية وعند المشي في شوارع اليابان.
الحرص على تناول الطعام مع العائلة
يحب اليابانيون تناول الطعام في المنزل مع جميع أفراد الأسرة على طاولة واحدة عند الإفطار والغداء والعشاء. ولايحبذون فكرة تناول الطعام بشكل منفرد إلا في حالات استثنائية مثل العمل أو الدوام المتأخر والخ. حيث يتم تعويد الأطفال منذ صغرهم على الاجتماع على مائدة الطعام.
لدرجة أن كثير من اليابانيين يحفظون ويحددون الموقع الذي يناسبهم على المائدة، فيكون لكل شخص كرسي أو موقع محدد. وأثناء تناول الطعام يتبادلون الحديث عن آخر إنجازاتهم في المدرسة أو العمل ويستمتعون بالدردشة. وهذه العادة تشترك بشكل كبير مع ثقافة العرب في حب تناول الطعام على مائدة واحدة مع الجميع.
الحمد والشكر قبل وبعد تناول الطعام وتقديره
في الثقافة اليابانية هناك اهتمام كبير وواضح في الشكر على كل شيء والتعبير عن مشاعر الامتنان والتقدير. وبالنسبة للطعام فإن اليابانيون يحترمون الطعام ويقدرون هذه النعمة الكبيرة، حيث يوجد لهم طرق واضحة في التعبير عن امتنانهم للطعام، مثل الشكر قبل تناول الطعام. حيث يقولون عبارة “ايتاداكيماسُ” (いただきます) ويلصقون أيديهم ببعضهم البعض كما في الصورة.
وهذه العبارة تعبر عن الشكر لكل شيء شارك في إعداد الطعام من جذوره، كالطباخ، ومُقدم الطعام، والمزارعين والصيادين، والحيوانات والنباتات التي ضحت بنفسها لتصبح وجبة غذائية كاملة لنا، والتربة والأرض والمياه والخ. وهنا نلاحظ أن الشُكر يشمل كل مصادر الطعام وجذوره وكل من شارك به منذ بدايته بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
وعند الانتهاء يقولون “غوتشي سوساما” ( ごちそうさま)، ويمكن ترجمتها بمعنى “شكراً على الوجبة، لقد كانت وليمة عظيمة”. ويقول اليابانيون هذه العبارات سواء كانوا لوحدهم أو أمامهم أحد للتعبير عن شكرهم للطعام، ويتم تعويدهم على ذلك منذ الصغر.
وهذه العادة الثقافية مرتبطة بعادة العرب في البسملة والحمد، وعلى الرغم من أن هذه العبارات دينية مرتبطة بالإسلام في شكر الله وحمده، إلا أننا نتشارك مع اليابانيون في تقدير نعمة الطعام والشكر عليه قبل وبعد تناوله.
يحبون الحلويات التقليدية وأيضاً الحلويات العربية
في الواقع يهتم اليابانيون بتقديم الحلوى بعد تناول الطعام، وأيضاً يهتمون بوضع حلوى تقليدية خاصةً عند شرب الشاي. فعلى الرغم من التطور إلا أنهم محافظين على حلوياتهم التقليدية كما هي وأبدعوا في توسيع طرق صنعها، أما الحلوى العصرية فهي متنوعة بشكل مذهل وإبداعي أيضاً. حيث يمكن القول إن اليابانيين يحبون الحلوى كثيراً!
أما بالنسبة للحلوى العربية، في الواقع قد ازدادت شعبيتها في اليابان في الآونة الأخيرة، فمع انفتاح اليابان واحتكاكهم مع العرب من جنسيات مختلفة، نجد أن هناك محلات حلوى في اليابان يديرها عرب ومسلمون وهذا له دور كبير في انتشار الحلوى في اليابان، حيث يوجد إقبال كبير من اليابانيين عليها.
وأيضاً أصبح هناك خدامات لشراء الحلوى من الدول العربية على الانترنت لليابانيين عن طريق العرب مثل “البقلاوة” وغيرها من أنواع، وهناك إقبال كبير وطلب على مثل هذه المشاريع! وقد تفاجأتُ في الفترة الأخيرة بوجود محلات حلوى يابانية من ضمن قائمتها “الحلوى العربية” مثل طبق “الكنافة بالجبن”! وهي من أشهر الحلويات التي يقع اليابانيون في حبها عند تذوقها.
الخلاصة:
في هذه المقالة تعرفنا معاً على بعض من النقاط المشتركة بين اليابانيين والعرب، فعند العيش بينهم والتعامل معهم ستشعرون وكأنكم مازلتم في منزلكم حيث الراحة والكرم والمحبة. فهم مثلنا نشترك في الترحيب والإكرام والمساعدة والمحبة، والصدق والأمانة والتواضع والخ من صفات حميدة.
وعند الحديث عن الحلويات، فقد لاحظتُ أن اليابانيون لديهم إقبال كثير على الحلويات العربية مع القهوة. ولكن نتمنى أن تكون هناك مشاريع أكثر مرونة حتى يستطيع اليابانيون تناول ما يرغبون من حلوى عربية بطعمها الأصلي من أيدي أصحابها . أما بالنسبة لملابس اليابانيون والموضة الخاصة بهم، فهي مناسبة للغاية لجميع العرب والمسلمين ولذلك أوصي بالتسوق في المتاجر اليابانية. وأشكركم على القراءة حتى النهاية.