نقدم لكم مناسبات ومهرجانات يتميز بها فصل الشتاء في اليابان!!
في كل فصل من فصول السنة يوجد مناسبات وأجواء احتفالية ممتعة ومميزة في اليابان. وهذه المرة سأتكلم عن مناسبات فصل الشتاء في اليابان والذي يمتد من ديسمبر حتى نهاية فبراير، ولكن قد تختلف حدة برودته ومناخه بسبب التضاريس الطويلة بين الشمال والجنوب للأرخبيل الياباني، فمثلاً يتميز جنوب اليابان بمناخ دافئ ومعتدل حتى في فصل الشتاء، أما المناطق الشمالية تتميز ببرودة أكثر وتتساقط فيها الثلوج الكثيفة.
ومع ذلك يتم الاحتفال في هذا الفصل المحبوب في كل مكان في اليابان بأجواء مميزة وجميلة، والآن سأقدم لكم أشهر هذه المناسبات والاحتفالات.
عيد الميلاد “كريسماس”
في الدول المسيحية يُعتبر عيد الميلاد أو كما يُعرف بكريسماس هو يوم مقدس يتشوقون له، إلا أن احتفالات عيد الميلاد في اليابان في الغالب ليست لها أي صلة أو معنى ديني، وإنما الكثير من الناس يستمتعون فقط بالشعور بروح الأعياد والاحتفالات.
وبهذا نجد طرق الاحتفال بكريسماس في اليابان تختلف عن باقي الدول، إذ تنتشر صورته كيوم مميز ورومانسي يقضيه الأحباء والأزواج والأصدقاء في أماكن متعددة بأجواء مليئة بالإضاءات والزينة والفرحة.
شارع جوزينجي
فمثلاً في عشية عيد الميلاد عادةً يقضيها المسيحيون بالتجمع مع العائلة والأقارب، إلا أن اليابانيين لا يجتمعون في هذه الليلة. فصورة هذه الليلة عند اليابانيون بشكل عام هي أشبه بمناسبة أو حدث مميز في أجواء متلألئة بالإضاءات والزينة، فيخرج الأصدقاء معاً والأحباء والمتزوجون في هذه الليلة ليقضوا الوقت في أماكن متعددة مثل الذهاب إلى المطاعم والحدائق والتجول بين الإضاءات الملونة التي تغطي الشوارع. فبالنسبة للكثيرين في اليابان يبدو أن ليلة عيد الميلاد هي أقرب لتكون “ليلة رومانسية” أكثر من عيد ميلاد.
شوارع مضاءة بأجواء كريسماس في “شينجوكو”
كما يتبادل الأحباء والمتزوجون والآباء والأصدقاء الهدايا. أما المتاجر والمحلات فتعرض وتتنافس في بيع المنتجات والهدايا الخاصة بأجواء كريسماس، بينما المقاهي والمطاعم تتحول فيها أصناف الطعام إلى أطعمة مزينة بطابع وأجواء كريسماس. كما تمتلئ الينابيع الساخنة والفنادق و “الريوكان” الياباني بحجوزات المبيت، وفي نفس الوقت تقوم هذه الأماكن بتقديم خدمات وعروض خاصة لليلة كريسماس.
ولاسيما أن كثيرًا من الحدائق والأماكن في اليابان تُقام فيها عروض إضاءة بألوان مبهجة تتمثل في أشكال سحرية وخيالية يمكن المشي خلالها والتقاط صور جميلة عندها.
الإضاءة البيضاء في سابورو
أما بالنسبة لعشاء ليلة كريسماس النموذجي في البيوت اليابانية فهو الدجاج المشوي. إما محضر في البيت أو يتم طلبه من المطاعم ولذلك تزدحم الطلبات في المطاعم والمتاجر في يوم الاحتفال نفسه لدرجة أنه قد يتوقف قبول الطلبات من كثرتها، فيقوم الناس بالطلب والحجز قبل عدة أيام من ليلة كريسماس.
وبالتأكيد لا تنسى “كيكة كريسماس” حيث تُعتبر حلوى أساسية ويكثر الطلب عليها، ولذلك يجب الحجز مسبقاً. وهي عبارة عن كيك إسفنجي مُغلف بكريمة القشطة البيضاء أو كريمة الشوكولاتة، ومُزين بالفراولة والشوكولاتة أو بأشكال سانتا كروز وشجرة عيد الميلاد.
كما يوجد أماكن متعددة للترفيه في اليابان تتزين بأجواء كريسماس وتقدم عروضاً وخدمات خاصة تكون محدودة لتلك الفترة، مثل المسارح التمثيلية والعروض الموسيقية والسينما والملاهي في اليابان. ومن أشهرها ملاهي “ديزني لاند” و”ديزني سي” في طوكيو و”يونيفرسال ستوديوز اليابان” وغيرهم الكثير.
ليلة رأس السنة
في آخر يوم من شهر ديسمبر والذي يُطلق عليه باللغة اليابانية “أوميسوكا”، يقوم الناس بتنظيف بيوتهم من جميع غبار وأوساخ العام الماضي وترتيبها وتجهيزها قبل حلول العام الجديد. فعلى عكس الغرب لا يتم إنهاء رأس السنة بحفلات صاخبة وماشابه، بل يقضيه اليابانيون بالاجتماع العائلي والأقارب. حيث يقوم الكثير بالرجوع إلى مسقط رأسهم وزيارة عائلاتهم وقضاء ليلة رأس السنة كما اعتادوا بطرقهم التقليدية.
وعادةً يتناول اليابانيون في أجواء عائلية دافئة وجبة الاحتفال الخاصة والمشهورة، وهي “السوبا” الدافئة المصنوعة من الحنطة السوداء، وتعبر هذه العادة عن الرغبة في استمرار الحياة والدعاء بالصحة في العام القادم.
وعندما يقترب غروب الشمس تقوم الكثير من المتاجر والمحلات بالإغلاق في وقت مبكر، ولكن لا يزال هناك العديد من فرص للتسوق والاستمتاع في المساء كما ستجدون الكثير من العروض والخدمات المميزة لفترة ليلة رأس السنة.
وعند حلول الليل يبدأ توديع السنة لاستقبال السنة الجديدة، فتعلو من وسط سكون الليل أصوات أجراس من المعابد البوذية هنا وهناك معلنةً عن نهاية السنة وبداية سنة جديدة. فتنصت الآذان إلى أصوات الأجراس والتي تُقرع 108 مرة، فطبقاً للديانة البوذية إن صوت هذه الأجراس تعمل على التطهير من الغضب والغيرة وشهوات الدنيا السيئة.
فعند اقتراب الساعة 12 ليلاً يبدأ قرع الأجراس 107 مرات، ثم يتم قرع رقم 108 بعد بداية السنة الجديدة أي بعد الساعة 12، ليضمن ذلك الرغبة في “أن لا يتم إغواء الناس بشهوات الدنيا السيئة في السنة الجديدة”. كما أن هناك معابد تسمح للمصلين بقرع الأجراس بأنفسهم.
ومن الفعاليات الممتعة والشائعة في ليلة رأس السنة، هو العد التنازلي في جميع أنحاء اليابان. حيث يتم عكس الأرقام والإضاءات على الأبراج ومناطق أخرى يتجمع فيها الناس تدريجياً، حتى يقترب معاد الساعة 12 فتبدأ الأجواء الحماسية في العد التنازلي وعند الانتهاء في بعض المناطق يقول الجميع مرة واحدة في صوت مرتفع “أكيماشيتي أوميديتو” ويعني مبارك العام الجديد.
كما يتم إطلاق عروض ألعاب نارية في مناطق متعددة عند البحيرات والأنهار في أشكال ومناظر مذهلة للغاية، الصورة التالية تظهر عرض ألعاب نارية في ليلة رأس السنة عند جزيرة أودايابا في طوكيو مع إطلالة جميلة على جسر قوس قزح.
ومن الفعاليات الشهيرة بجانب العد التنازلي هو مشاهدة شروق الشمس الأول في العام الجديد. حيث يقوم الكثير باختيار مواقع يرغبون بقضاء الليل فيها مع عائلاتهم وأحبائهم، فمنهم من يتمتع بمشاهدة شروق الشمس من بين ناطحات السحاب ومنصات المراقبة المرتفعة. وهناك من يفضل الذهاب إلى المناطق الجبلية ليشاهد الشروق من منطقة مرتفعة بين الطبيعة، وأيضاً تُعد الشواطئ والحدائق مواقع مناسبة.
مشاهدة شروق الشمس
بداية رأس السنة
عندما تدق الساعة الثانية عشر منتصف الليل تبدأ السنة الجديدة، وأول العبارات التي يتم استعمالها هنا وهناك هي “أكيماشيتي أوميديتو” ويعني مبارك قدوم العام الجديد. وفي اللغة اليابانية يُشار لرأس السنة بـ “أوشوغاتسو” وهي فترة مليئة بالعادات والفعاليات الممتعة منها الترحيب بإله العام الجديد والاحتفالات ببداية هذا العام. وقد تختلف بعض طرق الاحتفال بالعام الجديد حسب المنطقة ولكن عادةً يستمر الاحتفال من 1 يناير وحتى اليوم 7 يناير وقد يستمر حتى 15 يناير، ويُطلق على هذه الفترة “ماتسو نو أوتشي”.
ومن مظاهر زينة رأس السنة في اليابان والتي يكثر تطبيقها هي “كادوماتسو” المصنوعة من شجرتي الصنوبر والخيزران وتوضع أمام الباب. وأيضاً “شيميكازاري” وهي تميمة لجلب الحظ والوقاية من الشر مصنوعة من القش المفتول على شكل حلقة توضع على جدار الباب في الخارج. كما تقوم بعض العائلات بوضع “كاغامي موتشي” في رف لاستقبال الإله وهي عبارة عن كعكات مستديرة من الأرز تُصقل مثل المرآة وترص فوق بعضها كالهلام.
ومن العادات التقليدية المشهورة في رأس السنة هو قيام الناس بإرسال بطاقات التهنئة بالسنة الجديدة بالبريد لجيرانهم وأقاربهم وأحبائهم. كما يتلقى الأطفال من الكبار والوالدين ظرف لطيف وصغير بداخله المال ويُعرف باسم “أوتوشيداما”، هذه العادة تشبه العيدية في أعياد المسلمين وهي أكثر شيء يُسعد الأطفال اليابانيين في هذه الفترة.
وأيضاً يقوم اليابانيون بزيارة المعابد والضرائح لأول مرة بعد بدأ العام الجديد، ولذلك تُسمى هذه العادة في اللغة اليابانية بـ”هاتسومودي” ويعني الزيارة الأولى. ومن أشهر الأماكن التي تزدحم بالناس في هذا اليوم هو ضريح “مييجي جينجو”، وضريح “فوشيمي إناري”، وضريح “ناريتاسان شينشوجي” وضريح “كاواساكي دايشي” وغيرهم.
ويقوم الناس عند زيارة المعابد بتقديم الشكر والدعاء من أجل سنة جديدة آمنة وسالمة، وتمني أمنية العام الجديد. ويتم ذلك بوضع عملة نقدية كهبة في صندوق المال، ثم يتم شد حبل الجرس وتُضم الأيدي معاً وتُغلق العيون ثم تُقال الأدعية والأمنيات. وبعدها يقوم بعض الناس بسحب ورقة الحظ وتُدعى “أوميكوجي” ويكون مكتوباً عليها حظ للعام الجديد مع حكم للحياة. كما يقوم بعض الناس بشراء تميمات الحماية والحظ الأخرى، ويعلقون أمانيهم في قصاصات ورقية جميلة وغيرها.
أما في اليوم الثاني من بداية العام الجديد تبدأ مراسم زيارة الشعب للقصر الإمبراطوري من أجل تهنئة العائلة الإمبراطورية وإمبراطور وإمبراطورة اليابان بالعام الجديد. ويُطلق على هذه الفترة “إيبّان سانغا” حيث يستطيع الجميع وعامة الشعب الدخول داخل القصر الإمبراطوري.
ومن الجدير بالذكر أن مازال هناك الكثير من الناس محافظين على التقاليد في استقبال العام الجديد بارتداء “الكيمونو” المُزين بنقشات وأنماط جميلة، ومع ذلك هناك من يلبس ملابس غير تقليدية ولكن يحرصون على أن يكونوا في أجمل حلة لبداية جديدة ومشرقة.
وفي يوم رأس السنة يقوم الكثير بتناول أطباق خاصة للاحتفال أهمها “أوسيتشي ريوري” ويعني أطباق السنة الجديدة، وهي أشبه بصندوق الطعام “أوبينتو” يوضع بها أطعمة متنوعة وغالباً تكون أطعمة بحرية وجبلية. وهذه الأطباق أيضاً تسمح للسيدات وربات البيوت بالارتياح على الأقل ثلاثة أيام من بداية العام الجديد، حيث يتم إعداد هذه الأطعمة بطريقة تساعد على بقائها طازجة عدة أيام.
ويُقال أن كل نوع من هذه الأطعمة له معنى أو رمز دعاء خاص لتمني السلامة والصحة والزراعة الوفيرة وماشابه. فقد كانت هذه الأطباق في الأصل تُسمى “أوسيتشيكو” وكانت تُقدم لإله العام الجديد حيث كان يتم إعدادها يدوياً. ولكن في الآونة الأخيرة أصبح الكثير من الناس يشترون المنتجات التجارية الجاهزة دون القيام بالطهي.
وبعدها يتناولون طبق “أوزوني” وهو عبارة عن حساء يوضع بداخله “الموتشي” كعكات الأرز. وأغلب نكهاته تكون بمذاق “شيروميسو” أي الميسو الأبيض أو بمذاق “سوماشي جيرو” أي الحساء الصافي. وتختلف طريقة تحضير هذا الطبق حسب المنطقة وتوضع المكونات بداخله حسب الرغبة، مثل الدجاج أو سمك السلمون أو الخضروات والخ.
كما ترون في الصورة التالية، إن شكل كعكة الأرز هو مربع وهذه هي طريقة منطقة “كانتو”. أما إذا كانت تشبه كرات دائرية محضرة على طريقة منطقة “كانساي”. كما يمكن شويها ووضعها في الحساء، أو وضعها كما هي في الحساء لتُسلق معه.
وفي اليوم السابع، يتناول الكثير طعام “ناناكوسا غايو” وهو يتكون من 7 خضروات وأعشاب. والهدف من تناوله هو إراحة الجسم والمعدة بعد قضاء عدة أيام بتناول وجبات وحلويات وولائم رأس السنة. فيكتسب الجسم فوائد الخضروات بشكل جيد ليستمد بذلك طاقة جديدة من قلب الطبيعة الخضراء.
كما لاحظنا من ليلة رأس السنة حتى بعد رأس السنة يوجد العديد العادات والتقاليد التي حافظ عليها اليابانيون منذ القدم حتى يومنا هذا. إنها أجواء وعادات تجعل من أجواء الاحتفال برأس السنة مميزة في اليابان.
سيتسوبون
“سيتسوبون” وهي كلمة تشير إلى تقسيم الفصول، ففي الماضي كانت تُشير إلى بداية فصل الربيع وبداية فصل الصيف وبداية فصل الشتاء وبداية فصل الخريف. أما الآن فهي تُشير لبداية الربيع فقط، فموعد سيتسوبون هو 3 فبراير من كل عام، ويُعتبر بمثابة نهاية رأس السنة في التقويم القمري.
ومن أهم طقوس سيتسوبون هو “مامي ماكي” ويعني رمي فول الصويا على الشياطين لطردها ولطرد الأرواح الشريرة التي تؤذي الإنسان بشرها. وتعود هذه الطقوس إلى العصور القديمة وقد كانت تُقام في البداية في البلاط الإمبراطوري ثم انتقلت إلى بيوت الناس العامة وفي المعابد وانتشرت في جميع أرجاء اليابان وأصبحت حدثاً مهماً يُقام كل سنة.
وعندما يقترب موعد سيتسوبون تقوم المتاجر والمحلات بتحضير منتجات خاصة لهذا الحدث وهي “فوكومامي” ويعني حبوب فول الصويا، هذا إلى جانب أقنعة مخيفة للشيطان مصنوعة من الورق والبلاستيك، وأيضاً ميداليات وأطواق بقرون لطيفة وماشابه.
عند القيام بطقوس السيتسوبون يتم استعمال حبات فول الصويا المحمصة “فوكومامي” أو أيضاً يتم استعمال الفول السوداني في بعض المناطق مثل “توهوكو” و “كيوشو”، لأنه من السهل التقاطه مقارنةً مع حبات فول الصويا. وعادةً يقوم الآباء بلبس القناع في العائلة لجعل الأجواء أكثر حماسية.
فيقوم الأطفال برمي حبوب فول الصويا على الشيطان وترديد عبارة “أوني وا سوتو، فوكو وا أوتشي” ويعني “أخرج يا شيطان، أدخلي يا سعادة” حتى يخرج الشيطان من الغرفة أو البيت. وقد تختلف هذه العبارة حسب المنطقة والمعبد، فبعض المعابد مثلاً تقول “فوكو وا أوتشي” ويعني “أدخلي يا سعادة” فقط.
أو قد يتم ترديد عبارة “أوني مو أوتشي” أو “أوني وا أوتشي” ويعني “أدخل يا شيطان” حيث يعتقد أيضاً أن الشيطان لديه علاقة ما أو شيء متعلق بصفات إله ما أو خادم له.
تتم هذه العادة في المنازل في العائلات ويشارك أفراد الأسرة في رمي فول الصويا على من يمثل دور الشيطان في أجواء ممتعة. وأيضاً تتم في أماكن أخرى مثل رياض الأطفال، حيث يقومون بأنشطة صنع قناع شيطان بالورق المقوى والرسم، وتقوم المعلمة أو المعلم بلبس القناع من أجل لعب دور الشيطان معهم. كما يقوم الأطفال بلبس القناع أيضاً ولعب دور الشيطان في أجواء مبهجة وحماسية.
كما تقوم بعض المعابد بدعوة الناس في احتفالات كبرى للقيام بالمشاركة في طقوس “مامي ماكي”، حيث يجتمع الناس مع أطفالهم في كل عام لأداء تلك الطقوس والتي يعتقد أنها تجنبهم المصائب وتجعلهم يتمتعون بحياة هادئة وآمنة في المستقبل. حيث يقوم بعض الأشخاص بلبس الأقنعة والتنكر وتمثيل دور الشيطان، ليذهب الأطفال اتجاههم بكل حماس ليرموا فول الصويا عليهم ويبعدوهم.
وبعد رمي فول الصويا يتم التقاط ما يساوي عمر الشخص منها مع حبة إضافية. حيث يوجد تقليد ينص على إنه عندما يتم تناول حبة واحدة من فول الصويا أكثر من عدد سنوات العمر، يصبح الجسم أقوى ولا يصاب بأمراض مثل البرد. كما يوجد عادة يقوم بها البعض بوضع رأس سمك السردين على غصن صغير من شجرة الايلكس على مدخل المنزل للحماية من الأرواح الشريرة حتى لا تدخل للمنزل.
وفي الآونة الأخيرة ازدادت شعبية تناول “فوتو ماكي” وهي لفافات السوشي المغلف بالأعشاب البحرية. حيث يُعتقد أن هذه اللفافة تجلب الفأل الجيد، ويأتي هذا الاعتقاد من كلمة لفافة “فوكو” والتي تعني الحظ السعيد في اللغة اليابانية، فتشير إلى عدم انقطاع القدر والسعادة. ولذلك يتم تناول الفوتو ماكي بشكله الطويل المتماسك أثناء التفكير في أمنية من أجل حظ سعيد.
يوم الحب “الفالنتاين”
يُعرف يوم الحب بأنه اليوم الذي يعبر فيه المرء عن حبه لذلك الشخص المميز. من الشائع في الدول الغربية أن يشارك كل من الرجال والنساء في تبادل الهدايا والتقابل والخروج في مواعدات رومانسية. فعند اقتراب موعد 14 فبراير من كل عام يبدأ الرجال والنساء في جميع أنحاء العالم بالتفكير في محاولة انتقاء هدية مميزة، أو التخطيط لموعد رومانسي.
ولكن على عكس هذه العادات فإن يوم الفالنتاين مختلف تماماً في اليابان، حيث تقوم النساء بتقديم الهدايا للرجال وهذه العادة على عكس العادات المتعارف عليها في العالم اليوم الفالنتاين. وتعود جذور هذه العادة المميزة إلى الخمسينيات من القرن الماضي عندما وصلت ثقافة الفالنتاين إلى اليابان، في ذلك الوقت قامت العديد من الشركات اليابانية بإنتاج أنواع وأشكال من الشوكولاتة على شكل قلب وأشكال أخرى لطيفة مناسبة لفترة الفالنتاين، ولا سيما قيامهم بالكثير من التخفيضات لفترة الفالنتاين التي دفعت الكثير من المتاجر الأخرى للتنافس وإنتاج أفضل ما لديها.
أما عند النظر في كيفية ظهور عادة قيام النساء بإهداء الرجال الشوكولاتة أو الهدية، فإن القصص والنظريات مخالفة. ولكن أقوى هذه النظريات هي أن اليابان تحب نقل ثقافات وتقاليد مميزة من الخارج ولكن تعمل على تغييرها قليلاً لتتناسب مع ثقافتها وعاداتها. ففي الثقافة اليابانية، لم يكن هناك عادة منتشرة في تقديم الهدايا من قبل الرجال اليابانيين للنساء، وإنما العكس.
أما النظرية الأضعف هي أنها في ذلك الوقت كانت الشركات تقوم بحملات تسويقية لمنتجات الشوكولاتة بما يتناسب مع يوم الفالنتاين، فقامت إحدى الشركات اليابانية بالإعلان بشكل استراتيجي لتجذب النساء ولتشجعهم على تقديم الهدايا للرجال.
فأعلنت نص وهو”إن الفالنتاين مناسبة مثالية لتعبر فيه النساء اليابانيات عن حبهن لشركائهن بإهداء شوكولاتة لهم” وقد لاقت هذه الفكرة نجاح كبير وقامت بعدها الصحف والشركات الأخرى باتباع نفس الفكرة.
في النهاية وبكلا الأحوال ارتفع الطلب على الشوكولاتة من قبل الزبائن النساء، وانتشرت عروض المتاجر وأقسام الشوكولاتة الأنيقة ذات الأشكال والأنماط والنكهات المتعددة لتنتقي النساء ما ترغبن به من أنواع لتقدمها كهدية واستمرت هذه العادة حتى يومنا هذا.
وهذه الأيام أصبحت شوكولاتة عيد الحب أكثر شهرة مما كانت عليه في أي وقت مضى! فقد أصبحت عروض المتاجر متنوعة بشكل كبير. فغالبًا ما تزود المتاجر علب هدايا تتناسب مع الشوكولاتة ونوع الهدية، كما تقوم بتقديم تغليفات مميزة تجعل الهدايا مميزة أكثر. فتتراوح الأسعار من مناسبة إلى باهظة الثمن. ولكن لا يقوم كل اليابانيون بشراء الشوكولاتة جاهزة.
حيث تُعد عادة صنع الشوكولاتة في المنزل وتقديمها كهدية شائعة للغاية في اليابان، حيث يعتقد الكثير أنه عند صنع شيء بحب فسيكون مليء بالدفء وسينقل المشاعر بشكل أفضل.
ولدعم صنع الشوكولاتة في المنزل، تقوم الكثير من المتاجر اليابانية بعرض الكثير من المكونات والإمدادات لهذه المناسبة، بما في ذلك الرشات الملونة، وسكر الحلويات، وقوالب حلوى متعددة على شكل قلب.
وأيضاً صناديق خاصة ومواد تغليف مزينة. وكثير من الفتيات والمتزوجات يحببن إعداد الشوكولاتة بالمنزل كما تقوم المتزوجات بجعل أطفالهن يشاركون في تقديم شوكولاتة محضرة بحب عائلي دافئ للزوج.
كما يوجد في اليابان في يوم الحب أنواع من هدايا الشوكولاتة تُقدم لفئات محددة من الناس، فالجميل في الثقافة اليابانية هي أنها تقوم على مبدأ التناغم والسلام، حيث يميل اليابانيون للحفاظ على التناغم بينهم وبين المجموعات التي يوجدون بها مثل عائلة وفرق عمل ودراسة وماشابه. وبالتأكيد حتى في يوم الفالنتاين يطبقون مبدأ التناغم والتقدير. ومن أنواع هدايا الشوكولاتة في اليابان هي كالتالي:
غيري تشوكو:
وهي تعني “الشوكولاتة الإلزامية” أو “شوكولاتة التقدير والشكر” ويتم توزيعها على زملاء العمل وأفراد الأسرة والمعارف “عدا الشريك أو الحبيب”. عادةً ما يكون هذا النوع من الشوكولاتة أرخص نسبيًا، ويتم تزيينها بطريقة لطيفة حسب الرغبة وقد يُستعمل فيها شكل قلب أو ورد أو نجوم وغيرها من أشكال. وفي الغالب لا يتم التركيز كثيراً على استعمال القلب ولكن يبقى استعماله حسب الرغبة.
وهذه الهدية لا تُعبر عن أي مشاعر رومانسية وإنما تُعبر عن مشاعر احترام والرغبة في استمرار علاقة جيدة.
تومو تشوكو:
ويعني “شوكولاتة الصديق والصداقة” وتقدمه المرأة لصديقاتها الإناث بشكل بسيط وأنيق.
غيري تشوكو
هونميي تشوكو:
وتعني “شوكولاتة التفضيل” وتقوم المرأة بتقديم هذا النوع للحبيب أو الشريك، أو للشخص الذي تحمل له مشاعر حب. وفي هذا النوع تهتم المرأة بانتقاء أفضل أنواع الشوكولاتة وتقدمها بعلبة أنيقة أو بغلاف أنيق. فتكون الهدية أعلى جودة وأكثر جاذبية من الناحية الجمالية وألذ من ناحية الطعم، وبالتالي يكون السعر أعلى من الهدايا السابقة.
ولكن هل حقاً لا يقوم الرجل في اليابان بإهداء شيء للمرأة في يوم الفالنتاين؟ في الواقع هناك يوم مخصص ويُسمى “اليوم الأبيض”. وفيه يقوم الرجال بإعطاء الهدية رداً لمن أهداهم في الفالنتاين، وذلك للتعبير عن مشاعرهم سواء حب للزوجة أو الحبيبة، أو صداقة، أو ببساطة مشاعر احترام لزملاء ومعارف. ويأتي هذا اليوم مباشرةً بعد شهر من الفالنتاين في 14 مارس.
وتطلع الكثير من النساء لهذا اليوم بشوق خاصةً اللواتي اعترفن بحبهن في الفالنتاين بطريقة غير مباشرة بإرسال هدية “هونميي تشوكو”، فإذا رد عليها الشخص بطريقة مماثلة أو معبرة عن نفس المشاعر بإرسال شوكولاتة ورسالة أو غيرها من الهدايا، فتبدأ هنا العلاقة لأن كلاهما تأكدا من تبادلهما لنفس المشاعر وأصبحت واضحة.
الخلاصة:
في هذه المقالة تعرفتم على مناسبات وأعياد مشهورة في فصل الشتاء في اليابان. كما رأينا لليابان لها طريقتها المميزة في الاحتفال وحتى في المناسبات الغربية. فالشعب الياباني يحب الأجواء السعيدة والمفرحة بطريقة تتناسب مع ثقافتهم.
إن كنتم من محبي الشتاء وزرتم اليابان قبل نهاية شهر ديسمبر ستحظون بأوقات ممتعة للغاية مع بداية رأس السنة. ففي كل مكان ستجدون عروض وفعاليات مميزة وإضاءات خيالية في الشوارع وألوان براقة وساحرة وكأنكم فعلاً في قصة مصورة عن عالم الشتاء السحري.