تقع محافظة ياماغوتشي في منطقة “تشوغوكو”، أقصى غرب جنوب جزيرة “هونشو”، عاصمتها مدينة “ياماغوتشي”. وتعد محافظة ياماغوتشي منطقة ريفية تتميز بالهدوء ومع ذلك تأوي الكثير من المعابد والمزارات التاريخية بالإضافة إلى المناظر الطبيعية الخلابة التي تتميز بها هذه المحافظة.
تتصف محافظة ياماغوتشي بجمالها وروعتها وهدوئها الذي يبعث في سكانها وفي كل من زارها السكينة، ويحثّهم على التأمّل بتفاصيلها الجميلة التي تكمن في خضرتها وأمان الطبيعية البعيدة عن الضوضاء التلوث اللذان يساهمان في تعكير أجواء الطبيعة كما تعد أفضل مكان للاسترخاء والاستجمام وفرصة للتمتع واستكشاف الأضرحة والمعابد والجسور وكل ما يحيط بهذه المحافظة. كما تضم المحافظة العديد من المحالات والمطاعم حيث يمكنك تجربة المأكولات البحرية وشراء بعض الهدايا التذكارية.
وسأعرض عليكم بعض المعلومات عن الأماكن التاريخية والسياحة لهذه المحافظة.
ضريح موتونوسومي
يقع ضريح “موتونوسومي جينجا” في مدينة “ناغاتو” في الجزء الشمالي الغربي من مقاطعة ياماغوتشي بعيدًا عن المدن الكبرى. وتوجد هذه المنطقة في بقعة منعزلة إلى حد ما، وللوصول إلى الضريح، يُفضل أن تستقل سيارة أجرة أو تستأجر سيارة.
تم ترشيح ضريح موتونوسومي جينجا كواحد من “أجمل 31 مكانًا في اليابان” من قبل مؤسسة التلفزيون الأمريكية، يشتهر هذا الضريح ببوابات “توري” القرمزية البالغ عددها 123 التي تثير إعجاب من يراها وقد تم بناء بوابات توري على مدار 10 سنوات بدءًا من عام 1987.
تم تشيد ضريح موتونوسومي جينجا في عام 1955 ويُقال إن تم تشيد هذا الضريح حسب رواية الأساطير اليابانية تنفيذًا لأوامر روح الثعلب الأبيض التي تحظى بمكانة هامة. ويبلغ طول توري القرمزية أكثر من 100 متر، تقودك بوابات توري الخشبية الرائعة لأعلى حتى تصل إلى الضريح مما يجعل الإطلالة رائعة وتحتوي على مشهدًا غير عادي حقًا.
إذا شققت طريقك عبر بوابات توري الحمراء المحاطة بشكل وثيق، فستجد نفسك في “ريوغونو شيوفوكي”، وهي نافورة طبيعية حيث يمكنك رؤية الأمواج الكبيرة تتدحرج في الهواء وهي تصطدم بالجرف. السماء الزرقاء الساطعة والبحر مفتوحان تمامًا ويتناقضان بشكل كبير مع بوابات توري الحمراء. مشهد جميل حقًا لن تنساه بالتأكيد. فإن من أكثر الأمور الممتعة في زيارة هذا الضريح تلك البهجة العارمة التي ستشعر بها حين تبلغ أكبر بوابات توري.
داخل أراضي الضريح، يمكنك العثور على صناديق النذور مُعلَّق في أعلى نقطة ببوابة توري العملاقة على ارتفاع 6 أمتار، والتي تحتوي على صندوق قرابين مرتبة في الجزء العلوي من المركز مما يمثل تحديًا لكل من زوار الضريح والقادمين لممارسة طقوس العبادة فسيتطلب إدخال العملة في الصندوق عدة محاولات.. يُقال إنك إذا نجحت في رمي عملة معدنية في الصندوق، فستتحقق أمنيتك.
هضبة أكيوشي داي
تقع هضبة “أكيوشي داي” بالقرب من مدينة “ميني” في محافظة ياماغوتشي، في حديقة وطنية. تم تأسيس الحديقة في 1955 وتبلغ مساحتها 45 كيلومتر مربع ويتضمن جزءًا من هضبة أكيوشي داي مساحتها 130 كيلومترًا مربعًا من التضاريس الكارستية، بالإضافة إلى أكثر من 400 كهف من الحجر الجيري. تعد هضبة أكيوشي داي أكبر هضبة كراستية في اليابان على ارتفاع 180 إلى 420 متر وتتكون أساسًا من الحجر الجيري والعديد من الكهوف الجيرية التي تآكلاتها مياه الأمطار.
يمكنك الذهاب إلى الهضبة سيرًا على الأقدام على تلة خفيفة الانحدار وعند صعودك ستقع عيناك على مشاهد تخطف الأنفاس لهذه المنطقة الممتدة على سطح الأحجار الجيرية. إذا قمت بالتجول في هذه البقعة ستستمتع بالمشاهد الخلابة وكيفية تباين الألوان من حولك، كالأخضر اليانع والأبيض الصخري وزُرقة السماء الصافية.
عند زيارتك لهضبة أكيوشي داي ننصحك بعدم تفويت فرصة استكشاف واحد من أكبر كهف في اليابان الذي يقع عند سفح هضبة أكيوشي داي وهي كهوف من الحجر الجيري تشكل أكبر نظام كهوف تحت الأرض في اليابان. وتبلغ مساحته الإجمالية أكثر من عشر كيلومترات حيث يمكنك الاستمتاع بالسير فوق المياه المتدفقة أسفل الجسر الذي يؤدي بك إلى داخل كهف “أكيوشيدو”. ستلاحظ أن بحيرات الحجر الجيري والأعمدة المتدلية من سقف الكهف والتي تُعرف باسم “العمود الذهبي” ويبلغ طولها أكثر من 15 مترًا وقطرها 4 أمتار والأعمدة الصاعدة من أرضيته تضيء المكان مما يمنح المكان سحرًا خاصًا إضافة إلى الأرض الجيرية الضخمة التي تشبه كومة كبيرة من “100 طبق”.
معبد روريكوجي
يضم متنزه “كوزان” معبد روريكوجي في مقاطعة ياماغوتشي، وهو أحد أجمل معابد “زِن سوتوو” وواحد من الكنوز الوطنية، وواحد من أهم مباني الباغودا في اليابان خماسي الطوابق الذي بُنِي عام 1442م من قبل “أووتشي موريهارو” أي أن بناءه سبق بناء معبد روريكوجي نفسه الذي يتميز فيه المعبد بعمارة مبانيه الخشبية المتفردة، إضافةً عما يحيط به من جمال طبيعي أخاذ.
بما أن مبنى الباغودا هذا من بين أجمل المباني، فالمهتمون بمباني الباغودا في أغلب الأحيان يقارنه بمعبد “هوريوجي” القريب من مدينة “نارا” ومعبد “دايغوجي” في مدينة “كيوتو” وإذا اردت الحصول على معلومات أكثر حول مباني الباغودا فإن متحف المنتزه سيقدم لك معلومات كافية ومثيرة مثل الاختلافات في التصميم.
تُعرف أراضي معبد روريكوجي أيضًا باسم كوزان بارك تشمل المباني الأخرى الموجودة على الأرض القاعة الرئيسية ومخزن المعبد وبرج الجرس ومتحفًا صغيرًا ولكنه جيد الصنع مع صور ونماذج للباغودا المكونة من خمس طوابق والتي تم العثور عليها في جميع أنحاء اليابان.
تضم حديقة كوزان أيضًا موقع دفن عائلة “موري”، التي حكمت المنطقة خلال فترة “إيدو”. ويقع بالقرب من المتنزه مبنى “تشينيريوتي” يمكن للزوار دخول تشينيريوتي مجانًا ومشاهدة غرف التاتامي البسيطة في الطابق الثاني. في الطابق الأول توجد بعض المعروضات للأشخاص الذين قادوا “ثورة مييجي”.
أيضًا ننصحكم بالاستمتاع بجمال السياجات النباتية المشعبة، والأشجار الكثيرة التي تحيط بهذا المتنزه الرائع الواقع في قلب وسط مدينة ياماغوتشي، والمشهور كذلك بأزهار الكرز المتفتحة، وأزهار البرقوق.
جسر تسونوشيما أوهاشي
يقع جسر تسونوشيما أوهاشي بالقرب من الساحل الشمالي الغربي لمقاطعة ياماغوتشي فوق بحر اليابان، وقد ظهر هذا الجسر قبل ذلك مع المناظر الطبيعية الخلابة المحيطة به في العديد من الإعلانات التجارية، وستكتشف سبب ذلك ما إن تقع عليه عيناك. كما يُمثِّل الجسر وجهة مثالية للمسافرين الباحثين عن نزهات رومانسية مميزة، فمياه البحر الزرقاء الصافية تُشكِّل مع الأجواء المشمسة والجزر الصغيرة التي تظهر في الأفق مشهدًا ساحرًا وخلابًا.
يربط جسر تسونوشيما أوهاشي الطرف الغربي من ياماغوتشي بالشواطئ البيضاء لجزيرة تسونوشيما الخلابة. يعد الجسر الذي يبلغ طوله 1.78 كيلومترًا، فالمنحدرات اللطيفة ومساره المستقيم تقريبًا، يعد وجهة جذابة لراكبي الدراجات وسائقي السيارات والمشاة في نزهة ممتعة.
أثناء القيادة على طول الجسر توجه مباشرة إلى الجزيرة، ستجد الكثير من متاجر الهدايا التذكارية والمطاعم على يسارك وشاطئ “شيوكازي كوبالت بلو” الجميل على يمينك. أوقف السيارة في منطقة وقوف السيارات واستمتع بالتجول في هذه الجزيرة الجنة. إن جزيرة تسونوشيما، بشواطئها المنعزلة وهندستها المعمارية التاريخية المميزة، تنضح بالأجواء الرومانسية الحزينة لعصر منسي، وتجذب الأزواج المحبين بالحب وروح المغامرة على حد سواء.
عند عبورك الجسر بالسيارة لا تفوت فرصة لاستكشاف جزيرة تسونوشيما فهي مكان منعزل يسوده الهدوء، حيث تغطيها الأشجار ويوجد بها قليل من المنازل، والمنتجع الموجود هناك، والعديد من المتاجر التي تبيع الهدايا التذكارية المحلية. وتعد الأكلات البحرية من أشهى الاكلات التقليدية فجرب الحبّار المحلي المشوي فهو واحد من أشهى الأكلات التي تتذوق بها الطعم الأصيل للحياة الساحلية.
مجرد وصولك إلى الجزيرة، يبرز برج أبيض لامع من أفق المحيط. أول منارة على الطراز الغربي تم تشييدها في جهة بحر اليابان في عام 1876، من المنارة المنعزلة تعمل التموجات اللطيفة للمد والجزر وعظمة المياه الفيروزية النابضة بالحياة الممتدة إلى الأفق وما وراءه جنبًا إلى جنب لتطهير الحواس، مما يوفر مكانًا للراحة للمسافر المرهق. في الليل، سوف يهدئ توهج فانوس المنارة الدافئ روحك ويزيل كل المخاوف في ظلام الليل. على سطح مرصد يوفر إطلالة بانورامية على الجزيرة. بالنسبة للأزواج أو أولئك الذين يتطلعون إلى الحصول على صورة جميلة، فإن هذه المنارة أمر لا بد منه.
جسر كينتاي
جسر كينتاي هو جسر تاريخي خشبي مقوس في مدينة “إيواكوني” بمحافظة ياماغوتشي. تم بناء الجسر عام 1673م، ويمتد على نهر “نيشيكي” في سلسلة من خمسة أقواس خشبية. يقع الجسر على سفح جبل “يوكوياما”، التي تقع على قمتها قلعة إيواكوني.
تعتبر حديقة “كيكو”، التي تضم الجسر والقلعة، وجهة سياحية شهيرة في اليابان، خاصةً خلال مهرجان أزهار الكرز في الربيع وتغير لون القبقب الياباني (موميجي) في الخريف. الذي تم إعلانه كنزًا وطنيًا في عام 1922 ويحمل جسر كينتاي عددًا من الألقاب الرسمية، فهو أحد الجسور الثلاثة الكبرى في البلاد، ويطل على العديد من المناظر الطبيعية الخلابة.
تم وضع خطط جسر كينتاي لأول مرة عندما دمرت التيارات القوية مرة أخرى جسرًا يعبر نهر نيشيكي. تم بناء جسر أكثر ديمومة من قبل كيكاوا هيرويوشي، الإقطاعي الثالث إيواكوني، الذي يقف تمثاله عند مدخل متنزه كيكو القريب. بعد اكتمال الجسر في عام 1673م، ظل في مكانه حتى عام 1950، عندما ضرب إعصار عنيف إيواكوني. ثم أُعيد بناؤه مرة أخرى عام 1953 اعتمادًا على تصميمه الأصلي.
وقد بُنِي جسر كينتاي المكون من خمس قناطر من أخشاب أشجار السرو والبلوط والكستناء اليابانية دون استخدام أي مسامير. وقد استُخدِمت المسامير في بناء الجسر الحالي، ولكنها مصنوعة من حديد التاتارا الذي كان يُستخدَم قديمًا لصنع السيوف. ويتغير مشهد الجسر تغيرًا واضحًا باختلاف المواسم وأوقات اليوم، ويُعد وجهة مثالية للمصورين والفنانين الذين يمارسون فن الطباعة على الخشب من أمثال “كاتسوشيكا هوكوساي”.
وبعد عبورك الجسر وصولًا إلى منتزه كيكو ستكتشف المنازل التي كانت ملك عائلات الساموراي قديمًا. وفي شهر أبريل يمكنك التمتع بمشاهدة أشجار الكرز التي يبلغ عددها حوالي 3000 شجرة، في متنزه كيكو، إضافة إلى ذلك يمكنك الاستمتاع بمشهد تغير الأوراق. وتوجد العديد من المباني الخشبية التي تعود إلى القرن التاسع عشر في المنطقة المحيطة بالحديقة، مثل ضريح كيكو وكينونكاكو.
الملخص
إذا كنتم من عشاق الظواهر الطبيعية ننصحكم بزيارة محافظة ياماغوتشي فهي مكان رائع لاكتشاف جمال وأسرار الطبيعة والتعرف على تاريخ وثقافة هذه المحافظة، كما أن هذا المكان سينسيك أجواء المدينة الصاخبة وستشعر بالراحة والانسجام مع عالم الطبيعة فيمنحك الاسترخاء حيث ستعيش تجربة رائعة لذا أتمنى لكم خوض هذه التجربة الرائعة في هذا المكان.