ما هي عطلات الخريف في اليابان؟ نُقدم لكم عطلات الخريف المشهورة!
يوجد في اليابان الكثير من أيام العطلات خلال السنة، ونلاحظ أن كثيرًا من هذه العطلات تتناسب مع الفصل أو الفترة التي تُقام فيها. مثلاً في فصل الخريف يوجد عطلات تتناسب مع مناخ الخريف المعتدل والبارد قليلاً، فنجد أن هذه العطلات تمتاز بالحيوية والنشاطات المتنوعة التي تتناسب مع أهدافها.
في هذه المقالة، سأقدم لكم بعض العطلات الرئيسية التي تُقام في فصل الخريف في اليابان ومميزاتها وفعالياتها، لنبدأ جولتنا في الثقافة اليابانية!
يوم احترام المسنين (15 سبتمبر)
يوم احترام المسنين أو كما يُقال عنه في اللغة اليابانية “كيرو نو هي”، وهو عطلة رسمية يابانية يتم الاحتفال بها سنويًا لتكريم المواطنين المسنين. وقد بدأت هذه العطلة منذ عام 1966م كعطلة وطنية تُقام في الإثنين الثالث من شهر سبتمبر من كل عام، وذلك تبعاً لنظام الاثنين السعيد الذي يتيح للناس الاستمتاع بإجازة طويلة.
لنرجع لتاريخ ظهور يوم احترام المسنين. في عام 1947م أعلنت بلدة صغيرة في محافظة “هيوغو” تُعرف الآن باسم “تاكا” أن يوم 15 سبتمبر هو يوم احترام المسنين “توشيوري نو هي”. ومع مرور الوقت انتشرت شعبية العطلة في جميع أنحاء اليابان. وبحلول عام 1966م تم إعلان هذا اليوم عطلة عامة وطنية في 15 سبتمبر.
ولكن بدءًا من عام 2001م بدأت اليابان في تطبيق نظام الإثنين السعيد. حيث يعمل هذا النظام على نقل أيام العطل الرسمية إلى أيام الإثنين حتى يتمكن الأشخاص الذين لديهم وظائف عادية في الأسبوع من الإثنين حتى الجمعة الاستمتاع في قضاء المزيد من عطلات نهاية الأسبوع لمدة ثلاثة أيام “سبت، أحد، اثنين”. ونتيجة لذلك في عام 2003م تم نقل يوم احترام المسنين إلى يوم الاثنين الثالث من شهر سبتمبر من كل عام.
فعاليات يوم احترام المسنين
في يوم احترام المسنين يقوم الكثير من الناس بزيارة أهاليهم الكبار وأجدادهم وجداتهم، واهدائهم الهدايا أو تقديم أطعمتهم المفضلة وقضاء وقت ممتع معهم، أو اصطحابهم إلى مكان يسعدهم مثل مطعم أو حديقة أو لحضور فيلم أو عرض جميل وغيرها من نشاطات. وحتى إن لم يستطيع الشخص الذهاب لرؤيتهم فيمكن تخصيص وقت لهم ومكالمتهم لإسعادهم وتقديرهم.
وتقيم المنظمات والشركات أحداثًا خاصة لمساعدة كبار السن الذين يعيشون في مناطقهم. وقد يختلف تحديد الأشخاص كمسنين اعتماداً على العمر من منطقة لأخرى في اليابان، ولكن بشكل عام يتم اعتبار الأشخاص فوق 65 عاماً من صنف كبار السن.
وينظم المتطوعون وجبات غداء مجانية “بينتو” ويعني علب طعام، أو قد يقومون بتوزيع سلال خاصة تحتوي على الضروريات الأساسية للحياة اليومية مثل الصابون ومعجون الأسنان والمحارم. وبالتأكيد تختلف محتويات السلة حسب المستهدفين وما يقرره الفرد أو المجموعات، مثل إضافة بعض أساسيات الطعام وحلويات وقطعة لباس وغيرهم.
وإلى جانب التطوع، تُقام فعاليات خاصة متنوعة لتكريم المسنين. مثلاً تقوم بعض المدارس بتنظيم عروض خاصة لكبار السن تؤديها في دور التقاعد أو رعاية المسنين. وهناك مناطق قد تقوم باحتفالات وعروض في أماكن محددة تدعو كبار السن في المجتمع للحضور إليها والاستمتاع.
كما تقوم بعض المدن مسابقات أو عروض لياقة بدنية تضم كبار السن، وعادة ما يتم عقدها علنًا في الهواء الطلق ليستمتع بها أي شخص. وتقوم الكثير من برامج التلفاز في هذا اليوم باستقبال الكثير من كبار السن للتحدث عن خبراتهم وقصصهم المثيرة في الحياة لينقلوها للأجيال الأصغر سناً.
يوم الاعتدال الخريفي (23 سبتمبر)
يوم الاعتدال الخريفي ويُعرف باسم “شُوبُون نو هي” وهو يوم عطلة عامة في اليابان معاده في 22 أو 23 سبتمبر. ويتم تحديد هذا اليوم عن طريق المراقبة الفلكية للخريف، حيث يكون يوم الخريف قصير ويُعتقد أن الليل والنهار متساويين في هذا اليوم، ولكن في الواقع يكون النهار أطول قليلاً.
لنرجع قليلاً لتاريخ يوم اعتدال الخريف، لقد تم تحديده بموجب “قانون اليوم الوطني” الذي صُدر ونُفذ في عام 1948م، ويُقال إنه “يوم لاحترام الأسلاف والحداد والدعاء للذين تركوا العالم”.
وقبل الحرب كان يوم اعتدال الخريف يُسمى “مهرجان روح الإمبراطور”. حيث كان الناس في هذا المهرجان يدعون لأرواح الأباطرة المتعاقبين والعائلات الملكية في كل خريف. وبعدها انتشر هذا اليوم وتغير تدريجياً ليصبح إلى ما هو عليه الآن.
كما يُعتقد أن في هذا اليوم يكون الحاجز بين العالم البشري والأرواح رفيع أو رقيق، فيقوم الكثير من الناس في هذا اليوم بزيارة المقابر والدعاء لأحبتهم وأقاربهم.
فعاليات يوم اعتدال الخريف
يقوم الكثير من الناس بزيارة قبور أسلافهم وأحبتهم والدعاء لهم. فيقومون بتنظيف مكان القبر وتزيينه بالأزهار الجميلة. كما يقوم الكثير بزيارة المعابد والأضرحة.
وبالتأكيد يمكن القيام بالكثير من الأنشطة فبما أنه فصل الخريف، فالطبيعة ستكون ملونة بألوان الخريف الجميلة، فيذهب الناس إلى الحدائق وحول الأنهار والجبال للاستمتاع بجمال الخريف وتناول وجبات وحلويات لذيذة في الطبيعة.
وفي نفس الفترة قد تجدون أزهار حمراء على ضفاف الأنهار وحول حقول الأرز والقبور، هذه الأزهار تُدعى “زنبق العنكبوت الأحمر” حيث تملأ الأرض فتصبح وكأنها مكسوة بلون الخريف الأحمر اللامع، فيذهب الكثير للاستمتاع بجمال هذه الزهور والتقاط صور جميلة في وسطها.
كما أنها مفيدة وفي نفس الوقت سامة، لذلك تم زرعها حول حقول الأرز والمقابر لمنع تلفه من قبل الحشرات والحيوانات.
وهناك حلوى شائعة يتناولها الكثير من اليابانيين في هذا اليوم تُدعى “أوهاغي”، وهي حلوى يابانية تقليدية مصنوعة من هريس الأرز الحلو ومغطاة بمعجون “أنكو” هريس الفاصوليا الحمراء المحلاة. فمنذ العصور القديمة، كان يُعتقد أن الفاصوليا الصغيرة لديها القدرة على تبديد الأرواح الشريرة، لذلك يُقال أنهم بدأوا في تقديم كعك الأرز.
يوم التربية البدنية (13 أكتوبر)
يوم التربية البدنية ويُعرف باللغة اليابانية “تاي إيكو نو هي” وهو أحد العطل اليابانية التي استمرت لأكثر من 50 عاماً. ويمكن اعتبار هذا اليوم كتوعية وتعزيز للرياضة وممارسة الأنشطة الصحية. وغالبًا ما تُقام أحداث متنوعة فيه مثل اللقاءات الرياضية والمهرجانات الرياضية والمسابقات المدرسية والمجتمعية.
لنرجع إلى تاريخ ظهور يوم التربية البدنية، نجد أنه يعود إلى أولمبياد طوكيو عام 1964م وهي المرة الأولى التي تُقام فيها الأولمبياد في طوكيو. وبعد عامين تم تحديد يوم للصحة والرياضة في 10 أكتوبر 1966م. وقد تم اختيار شهر أكتوبر لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية المتأخرة لتجنب موسم الأمطار في اليابان.
وفي عام 2000 م وبناءً على تطبيق نظام الاثنين السعيد، تم نقل يوم التربية البدنية إلى يوم الاثنين الثاني من شهر أكتوبر من كل عام.
فعاليات يوم التربية البدنية
نظرًا لأن يوم التربية البدنية هو يوم للترويج للرياضة والصحة البدنية والعقلية، فإن العديد من المدارس والشركات تختار هذا اليوم لعقد يوم ميداني سنوي يُدعى “أوندو كاي” ويعني اليوم الرياضي. وهو يوم مشهور في اليابان ويتشوق له الكثير للمشاركة في الكثير من الأحداث.
حيث تقوم المدارس بمهرجان رياضي مشابه للألعاب الأولمبية ولكن بشكل مصغر. فيتم إقامة مسابقات رياضية متنوعة مثل الركض الفردي والتتابعي، وشد الحبل، ومعركة الفرسان، وسباقات الأكياس، وسباق ثلاثية الأرجل والزحف على اليدين والركبتين تحت شبكة، وغيرها من أنشطة تعتمد على القوة أو اللياقة البدنية.
يوم الثقافة (3 نوفمبر)
يوم الثقافة يُعرف باللغة اليابانية “بونكا نو هي” وهو يوم عطلة وطنية يُقام في 3 نوفمبر من كل عام. ووفقًا لقانون اليابان بشأن الأعياد الوطنية، يُعرف يوم الثقافة بأنه يوم “حب الحرية والسلام وتعزيز الثقافة”.
لنرجع لتاريخ بداية يوم الثقافة، كان 3 نوفمبر دائمًا مميزًا في اليابان، حيث يتم الاحتفال فيه بعيد ميلاد إمبراطور مييجي من عام 1868م حتى وفاته في عام 1912م. فبعد عدة سنوات تم تغيير اسم العطلة عام 1927م لتصبح “مييجي سيتسو”، وهو عيد وطني يُقام تكريمًا للإمبراطور الراحل مييجي.
ولكن أهمية الكلمات الذهبية الثلاث “الحرية”، و”السلام”، و”الثقافة” تم الترويج لها رسميًا بعد صدور دستور ما بعد الحرب في عام 1946م. عندما أعلنت الدولة للناس بالتزامها بتعزيز الازدهار الثقافي الذي هو أساس الحرية والسلام بعد ما خلفته الحرب العالمية الثانية من ألم ودمار. فتم تغيير اسم 3 نوفمبر إلى “بونكا نو هي” أي يوم الثقافة لتعزيز السلام من خلال حرية الفن والتعبير الثقافي.
فعاليات يوم الثقافة
في هذا اليوم تقوم الكثير من الشركات والجهات المهتمة من مؤسسات ومحافظات بإقامة احتفالات وفعاليات متنوعة تتراوح من المعارض الفنية والثقافية إلى احتفالات توزيع الجوائز المرموقة للفنانين والعلماء البارزين.
فيزور الكثير من الناس المتاحف الفنية والتاريخية ومتاحف العلوم وغيرهم، فيتم تخفيض رسوم الدخول أو جعله مجاني احتفالاً بهذا اليوم ولتشجيع الناس على تعلم الثقافات والتاريخ والعلوم.
مثلاً في مدينة “هاكوني” في محافظة “كاناغاوا”، تُنظم جمعية السياحة المحلية سنويًا ما يُسمى بمسيرة “دايميو جيوريتسو” أي موكب اللوردات الإقطاعيين في “يوموتو”، حيث يسير في هذا العرض حوالي 400 شخص على مسافة 6 كيلومترات وهم يرتدون ملابس كالتي كان يرتدونها “إيدو ساموراي” والأميرات في الماضي.
كما تقيم المدارس الابتدائية والثانوية “مهرجانًا ثقافيًا” في نفس اليوم أو في يوم قريب من تاريخه.
وأهم ما يميز يوم الثقافة هو حفل توزيع جوائز وسام الثقافة، حيث يتم تكريم وتقدير الشخصيات العامة التي قدمت مساهمة كبيرة في مختلف التخصصات بما في ذلك الفن والأدب والرياضة والعلوم والتكنولوجيا. فيتم الترحيب بهم وتقديم شهادات تقدير لهم من قبل الإمبراطور في حفل رسمي للغاية يُقام في القصر الإمبراطوري.
والمستفيدون هم عمومًا مواطنون يابانيون، بما في ذلك اليابانيون الحائزون على جائزة نوبل في ذلك العام بالذات، كما تم منح الأجانب أيضًا جوائز في الماضي، مثل رواد فضاء أبولو 11 والباحث الأدبي دونالد كين.
يوم الشكر للعمال (23 نوفمبر)
يوم الشكر للعمال أو كما يُعرف باللغة اليابانية “كينرو كانشا نو هي” وهو يوم عطلة وطني في اليابان يُقام سنويًا في 23 نوفمبر. وينص القانون المُنشئ للعطلة على أنها مناسبة لإحياء ذكرى العمل والإنتاج وتقديم الشكر لبعضنا البعض. وعلى غرار أيام الشكر الأخرى حول العالم، ترتبط هذه العطلة الرسمية في اليابان بحصاد الخريف.
ومع ذلك فإن يوم شكر العمال لديه ميزة إضافية تتمثل في كونه يوم مخصص للعمال والناس التي تبذل جهدها في العمل. وقد أصبح يوم عطلة رسمياً في عام 1948م باعتباره يومًا يعبر فيه المواطنون عن امتنانهم لبعضهم البعض للعمل الجاد ولثمار عملهم المفيدة.
لنرجع لتاريخ العطلة، يوم الشكر للعمال هو الاسم الحديث لمهرجان الحصاد القديم المعروف باسم “نيينامي ساي”. حيث تذكر السجلات اليابانية القديمة أن طقوس الحصاد حدثت في عهد الإمبراطور الأسطوري “جينمو” (660-585 ق.م)، بالإضافة إلى احتفالات الحصاد الأكثر رسمية التي كانت تُقام في عهد الإمبراطور “كوغيوكو” (642-645).
بينما أشار أول وأقدم سجل مكتوب في تاريخ اليابان ويرجع تاريخه إلى 720م إلى أن “نيينامي ساي” حدث في نوفمبر 642 م. ووفقاً للتقاليد كان الإمبراطور يكرس الأرز المحصود الطازج للآلهة ويتذوقه بنفسه لأول مرة.
فعاليات يوم شكر العمال
يتم الاحتفال بيوم شكر العمال في اليابان على نطاق واسع، ولكن العطلة ليست ملحوظة في الأماكن العامة. فلا توجد مسيرات كبيرة أو زخارف أو مؤشرات أخرى تدل على يوم الشكر للعمال.
كما يُقام عدد من الأحداث الكبرى في هذا اليوم في جميع أنحاء اليابان لتقدير الناس العاملة والتي تبذل جهدها في العمل. و تكون جميع المكاتب الحكومية والمدارس مغلقة. فيكون للناس المزيد من الوقت لحضور الأحداث والتفكير في هذا اليوم.
أما في رياض الأطفال والمدارس يصمم الأطفال رسومات للعطلة قبلها بيوم ليقدموها كهدايا إلى مراكز الشرطة المحلية وللعاملين.
الخلاصة:
تعرفنا في هذه المقالة على العطلات الوطنية في فصل الخريف في اليابان وعلى أسبابها وطرق الاحتفال بها. حيث يتم الاهتمام في تطبيق ونقل رسالة هذه العطل بشكل فعال في اليابان بعدة طرق كما لاحظنا، والجميل أن الكثير يتحمس لهذه الأيام حتى يقوموا بالأنشطة الخاصة بها والتي من شأنها أن تنشر المحبة والتعاون والسعادة وغيرها من قيم جميلة.
كما أن الاحتفال بهذه العطل يشمل الجميع من رياض الأطفال حتى الكبار في المدارس والعمل وهذا من شأنه أن يزيد الوعي عند الجميع وخاصةً الأطفال حول معنى هذه العطل وكيفية الاحتفال بها بشكل مفيد وجميل مثل تقديم نشاط أو رسمة بسيطة يتعاونون بها في أجواء تعاونية ولطيفة.