ماذا تعني “واغاشي”؟ نقدم لكم خمسة أنواع من الواغاشي التي ترمز لليابان!
اشتهرت اليابان منذ قديم الزمان بصنع الحلويات والتفنن في محتوياتها وتشكيلها موظفةً في هذا الإبداع جمال الطبيعة والفصول الأربعة والذوق الياباني، وذلك من أجل صنع حلويات ذات فن راقي تتناسب مع الفصول وذوق الضيف. إذ إن اكرام الضيف والحرص على راحته بأدق التفاصيل كان ومازال جزء مهم من الثقافة اليابانية.
ولقد تم توارث هذا الإبداع وهذا الفن الجميل جيلاً بعد جيل حتى وصل إلى عصرنا الحاضر. إذ لاقت هذه الحلويات التي تُسمى “واغاشي” اهتماماً كبيراً من حول العالم، والطلب الدائم عليها من جميع السياح وكل من يزور اليابان، لأنها تشعرهم بالسعادة عند مشاهدتها، ولاسيما ذلك الشعور الجميل بثقافة اليابان وروحها العريقة الذي ينتقل إليهم فور تناول الواغاشي. ولكن ما هي الواغاشي ومن ماذا تتكون وما هي أنواعها؟ في هذه المقالة سأجيب عن هذه الأسئلة. لنبدأ في جولتنا الثقافية.
ماذا تعني “واغاشي”
واغاشي وهو اسم يطلق على الحلويات اليابانية التي تُصنع بالطريقة التقليدية والتي ازدهرت صناعتها في جميع أرجاء اليابان منذ القدم. وتتكون الواغاشي بشكل عام من دقيق الأرز والنشا مثل دقيق كودزو، والفاصوليا الحمراء المحلاة وفول الصويا والسكر. ولا تحتوي إطلاقاً على المنتجات الحيوانية، وربما قد يتم استعمال الزيت بشكل قليل جداً. هذه جميعها صفات الحلوى اليابانية التقليدية “واغاشي”.
أصل الواغاشي وتاريخها
إذا نظرنا بتمعن في تركيبة كلمة واغاشي (和菓子) نجد أنها تحتوي أولاً على كانجي “وا” (和) ويعني “الانسجام” ولكن هذا الكانجي يرمز أيضاً إلى اليابان أو الطريقة اليابانية. حيث استعمله اليابانيون للإشارة إلى أسلوبهم في مقدمة الكثير من الكلمات، مثل: “واشي” ويعني الورق الياباني، وكلمة “واكا” وتعني القصائد اليابانية الكلاسيكية وغيرها من الكلمات.
كما وتحتوي كلمة “واغاشي” على كانجي “كا” (菓) ويعني “فواكه”، وهو مشتق من كلمة فواكه الرئيسية “كودامونو” (果物). حيث يُقال أن جذور الحلويات اليابانية هي الفواكه. فقد كانوا يطلقون كلمة فواكه على الحلويات، حيث وجد في السجلات اليابانية قائمة بالحلويات التي قدمتها عدة مناطق وكان من ضمن هذه الحلويات فواكه التوت والفراولة والكستناء وغيرها.
في فترة هييآن (794-1185م) ظهرت حلويات تُدعى “توغاشي” (唐菓子 )، وقيل أنها كانت كعكة أرز مقلية انتقلت من الصين إلى اليابان. وعندما عرفت الصين صناعة السكر من الهند، فنقلت صناعة السكر إلى اليابان من خلال التجارة. حيث كان يُستعمل السكر دائماً في الحلويات اليابانية في نهاية فترة موروماتشي (1338-1573م).
ثم تطورت طرق استعمال السكر في انتاج حلويات مميزة من حيث الذوق والشكل وحتى طريقة التصنيع، وذلك مع انتشار شرب الشاي على نطاق واسع بين عامة الناس في فترة إيدو (1603-1868م)، حيث ازداد الاهتمام بالإبداع في صنع الحلويات والاهتمام براحة الأسياد والضيف وابهارهم بالحلويات المحلية والفاخرة، موظفين الطبيعة وجمال الفصول الأربعة في صنع أنواع كثيرة عُرفت باسم “واغاشي” والتي سنتعرف على أنواعها الآن.
دانغو
وهو من أشهر أنواع الحلويات اليابانية التقليدية، ويكون على شكل كرات مصنوعة من دقيق الأرز الدبق، التي يتم غليها في الماء أو طهيها بالبخار. وتُقدم في العادة بأسياخ بجانب الشاي الأخضر على الطريقة التقليدية.
ويوجد للدانغو نكهات متعددة وأنواع صوص مختلفة، مثلاً يوجد دانغو يُقدم مع طبقة من الأنكو “معجون الفاصوليا الحمراء المحلاة” أو فول الصويا المحلاة، وأيضاً يُقدم مع معجون فول الصويا الخضراء أو يتم تغليفه بمعجون الكستناء.
أما بالنسبة لنكهات الدانغو، يوجد دانغو يُدعى “بوتشان” وهو عبارة عن ثلاث كرات من الدانغو كل واحدة لها نكهة ولون مختلف، وهي كالتالي: نكهة الماتشا، نكهة البيض، نكهة الفاصوليا الحمراء المحلاة. بينما دانغو “ميتاراشي” يتميز بكثرة شراب السكر الذي يُغطى به والمصنوع من صلصة الصويا والنشا.
ويوجد أيضاً دانغو “تشي تشي” ويؤكل كنوع من المقبلات الخفيفة ويأخذ أشكالاً متعددة. كما يوجد دانغو بنكهة الماتشا ويُسمى “تشا دانغو”، بينما دانغو “هانامي” يصنع بثلاثة ألوان تدل على الربيع لأنه يكثر تناوله في موسم تفتح الساكورا، وغيرها من أنواع الدانغو اللذيذة.
دايفوكو
وهو من أشهر الحلويات الشعبية والتقليدية في اليابان، ويُصنع من “الموتشي” دقيق الأرز الدبق ويتم حشيه بمعجون “أنكو” وهو عبارة عن معجون الفاصوليا الحمراء المحلاة. ويصل حجم الدايفوكو إلى 3 سم ومنها ما يصل لحجم قبضة اليد. وعادةً يكون لون الدايفوكو أبيض ولكن يُقدم أيضاً باللون الزهري الفاتح أو الأخضر الفاتح.
عند تقديم الدايفوكو قد تلاحظون أنه مغطى بطبقة رقيقة بيضاء، إنها طبقة من نشا الذرة أو نشا البطاطا وذلك لمنع التصاق الدايفوكو ببعضه البعض، حيث يمتاز قوامه بالمطاطية والالتصاق وملمسه ناعم جداً.
ويوجد أنواع متعددة من حلوى الدايفوكو ومن أشهرها “اتشيغو دايفوكو” وفيه يتم وضع الفراولة لوحدها أو تُغلف بمعجون الفاصوليا الحمراء كحشوة منعشة. ويوجد حشوات أخرى عديدة مثل الكراميل وحلوى القهوة ومعجون المشمش، كما وقد يدخل نبات الشيح في خليط الأرز الدبق مما ينتج دايفوكو بلون أخضر ونكهة مميزة ويُسمى هذا النوع “يوموغي دايفوكو”. ومازال هناك العديد من الأنواع اللذيذة التي يدخل فيها فواكه أخرى وحشوات متعددة.
ولحلوى الدايفوكو اسم آخر في الماضي وهو “دايفوكو موتشي” (大腹餅) ويعني “الكعكة المليئة محشوة الأرز”، وهي تشير إلى الحظ السعيد، إذ إن كانجي “فوكو” (腹) الذي يعني “بطن، حشوة” يطابق كانجي “فوكو” (福) والذي يعني “حظ جيد، حظ سعيد”. فتم استبدال الكانجي لتصبح الكلمة “دايفوكو موتشي” (大福餅) لتعني فعلاً “الحظ السعيد”، وذلك تفاؤلاً وأملاً في أن تجلب لهم هذه الحلوى الحظ السعيد. وتُلفظ اختصاراً “دايفوكو”.
مانجو
حلوى يابانية شعبية ومنتشرة بكثرة في جميع أنحاء اليابان، تُصنع عادةً من دقيق القمح وتُحشى بشكل أساسي بالأنكو “عجينة الفاصوليا الحمراء المحلاة” ويتم طهيها على البخار. كما ويوجد حشوات أخرى تُستعمل في المانجو، مثل البطاطا الحلوة ومعجون الكستناء المحلى وكريم نكهة البرتقال وغيرها من النكهات المختلفة.
وبالطبع يوجد أنواع متعددة للمانجو مثل: مانجو فصل الصيف ويُدعى “ميزو مانجو”. حيث تُغلف الحشوة بنشا الكودزو فيكون شكله الخارجي شفاف مثل الهلام “الجلي” ويُقدم بارداً. لقد تم شرح هذا النوع في مقالة الحلويات اليابانية الصيفية سابقاً. كما يوجد نوع مميز اسمه “مانجو الماتشا” المصنوع من مسحوق الشاي الأخضر ويتميز بلونه الأخضر ونكهة الماتشا المميزة.
وتختلف طرق تشكيل المانجو من منطقة لأخرى، حيث تشتهر بعض المناطق بنوع مانجو يُسمى “موميجي” ويعني ورقة الخريف، لأن شكله يوحي بالخريف فعلاً. ومازالت نكهات وأشكال المانجو عديدة وكثيرة.
موناكا
حلوى يابانية تتكون من طبقتي ويفر هشة مصنوعة من دقيق الأرز ويتم حشيها بالداخل بشكل أساسي بمعجون الفاصوليا الحمراء المحلاة “أنكو”. كما ويوجد حشوات مختلفة مثل بذور السمسم ومعجون الكستناء المحلى وغيرها. أما حديثاً فتنوعت النكهات أكثر إذ أصبحت حلوى موناكا متوافرة بكثرة مع حشوة الآيس كريم.
أما بالنسبة لرقائق الموناكا الهشة، فهي تتخذ أشكالاً عديدة مثل المربع أو المثلث أو المستطيل مع نقوش جميلة. كما ويتم صنعها بشكل أزهار الساكورا والأقحوان وغيرها من أنواع الزهور. وتُقدم عادةً حلوى الموناكا مع الشاي وتنتشر في كثير من المتاجر في جميع أرجاء اليابان.
سينبي “رقائق الأرز”
وهي نوع من رقائق الأرز اليابانية مصنوعة من الأرز الناعم وتتخذ عدة أشكال ونكهات مختلفة، وعادةً تكون خفيفة الوزن وملمسها ناعم وهشة وطعمها حلو. وتُقدم السينبي عادةً مع الشاي كوجبة خفيفة غير رسمية.
ويتم تحضيرها إما عن طريق خبزها أو شوائها على الفحم بالطريقة التقليدية. ويُضاف لها صوص الصويا أو غيرها حسب الرغبة. ومن طرق تقديمها هو لفها بالنوري “الأعشاب البحرية” ويمكن تناولها كمسليات مالحة، حيث يضاف لها صوص الصويا المالح وغيرها من التوابل. ويوجد للسينبي أنواع كثيرة تحتوي على نكهات متعددة مثل الواسابي والكاري، ونكهات بحرية مثل سمك اللوتس وغيرها.
الملخص
في هذه المقالة تم تقديم خمسة أنواع من الحلوى اليابانية التقليدية “واغاشي” ومازال هناك الكثير من الأنواع المشهور والشعبية التي ترمز إلى اليابان. كما رأينا يبدو أن الحلوى اليابانية لا تحتوي على نسبة عالية من السكر وتركز على استعمال العناصر الطبيعية والصحية في تكوين الحلوى.
ولكن أحياناً ألاحظ أن بعض العرب يستغربوا من استعمال معجون “الفاصوليا الحمراء المحلاة” كعنصر أساسي في الحلوى اليابانية، إن هذا المعجون طعمه حلو وإذا أتيحت لكم الفرصة لتجربته دون معرفة اسمه، ستعتقدون أنه معجون من نوع آخر من لذته، وذلك لنعومة قوامه وحلاوته المتوسطة ولونه الداكن والجميل.
أتمنى أن أنواع الواغاشي التي قدمتُها قد أعجبتكم، إذا زرتم اليابان لما لا تجربوا هذه الحلويات التقليدية وتشاركوا تناولها مع أصدقائكم وأحبائكم. أتمنى أن تصنعوا ذكريات جميلة وممتعة بتناول الواغاشي في اليابان.