كيف يتم طهي وتناول السمك في اليابان؟! نقدم لكم خمسة طرق نوصي بها لتناول السمك!
تعد المأكولات البحرية من ضمنها الأسماك بأنواعها من الوجبات الأساسية في اليابان، فكونها دولة جزرية تحيط بها البحار والمحيطات من جميع الجهات أدى إلى توافر الأطعمة البحرية فيها بكثرة. هذا إلى جانب تنوع طرق الطهي والتقديم بشتى أنواع الأسماك والتي قد لا يعرفها بعض العرب أحياناً.
وفي هذه المقالة سنتعرف معاً على طرق تناول الأسماك في اليابان وكيفية تقديمها بشكل عام سواء بطريقة تقليدية أو عصرية. لنبدأ رحلتنا في عالم الطعام الياباني.
السمك المشوي
تُعد طريقة شوي السمك من أقدم الطرق التي عرفها البشر في تناول الأسماك، وفي اليابان يعد شوي السمك من الطرق الشائعة وأكثرها انتشاراً ومحبة من قبل اليابانيين. وتتنوع طرق الشوي في اليابان سواء من ناحية التتبيلة أو تحضير الوجبة.
ومن طرق الشوي هو شوي السمك مباشرة ًعلى شبكة فوق النار، أو يتم غرسه بأسياخ ويوضع بشكل دائري حول النار الهادئة. حيث يتم شويه بروية فيستوي من الداخل تدريجياً برفق ويتحمر من الخارج، فينتج سمك بطبقة مقرمشة وبلحم طري وناعم. وبالتأكيد يتم استعمال بعض التوابل أو الخلطات لينتج سمك بنكهة لذيذة مثل صوص الصويا والليمون والملح الذي يبرز نكهة السمك والخ.
كما تشاهدون في الصورة التالية، نوع من أنواع السمك الحلو يتم فركه بالملح ويُغرس بأسياخ، ثم يتم وضعه بشكل دائري حول النار بطريقة تقليدية. ويسمى باليابانية “آينو شييو ياكي” أي السمك الحلو المشوي بالملح. وعادةً يُباع في مطاعم السمك وفي بعض الأكشاك. إنه لذيذ وطري وله طبقة مقرمشة.
وغالباً ما يوجد في المطابخ اليابانية شواية صغيرة مرتبطة في المطبخ تعمل بالكهرباء، وتُستعمل لشوي السمك واللحوم والخضار والخ. كما ويتم استعمال شوايات صغيرة مخصصة للشوي بالفحم، حيث يتم استعمالها في أي مكان سواء في النزهات أو على الشاطئ.
وعادةً يحب اليابانيون تناول السمك دون استعمال توابل كثيرة مثل العرب، حيث يتم شوائه بدون أو بإضافة كميات قليلة من التوابل. وعند تناوله ستتذوقون طعم السمك الأصلي وكأنكم جالسون بجانب البحر تشعرون بنسيمه اللطيف.
الصورة التالية توضح طريقة شوي سمك الرمح على شواية صغيرة، كما تلاحظون لا يوجد توابل كثيرة مع الحفاظ على رأس السمكة والذيل.
أما بالنسبة لطريقة التقديم، يُقدم السمك المشوي كما هو برأسه وذيله أو مُقطع حسب نوع الوجبة. وفي الغالب يوضع تحته ورقة شجر للزينة وبجانبه قطع ليمون أو فجل ياباني وغيره. كما ويُقدم معه في كثير من الأوقات حساء الميسو أو أي نوع من أنواع الحساء مع صحن أرز.
وفي الغالب يتم استعمال صوص الصويا من أجل إضافة نكهة مميزة، ومن أكثر الوجبات التي تجذب انتباهي والتي يظهر فيها صوص الصويا بشكل ملحوظ كثيراً هو سمك “أوناجي” أي إنقليس المياه العذبة. والذي يتم تقطيعه ثم يشوى برفق على النار الهادئة، وبعدها يُضاف إليه الكثير من صوص الصويا، ويقدم فوق الأرز في وعاء جميل. كما ويوضع بجانبه صحن صغير فيه صوص الصويا حتى تغمسوا فيه القطعة مع الأرز لتستمتعوا بنكهة مميزة.
السمك المسلوق
تعد هذه الطريقة شائعة جداً في تناول السمك في اليابان وقد يعتقد البعض أنها أصعب من طريقة شوي السمك، ولكن في الحقيقة إن سلق السمك أسهل من شويه الذي يحتاج للانتباه والحرص على تسخين الفحم والاعتناء بشوي السمكة النيئة بشكل مناسب. ومع ذلك لكل منهما نكهته الخاصة، ولكن لنلقي نظرة على طريقة سلق السمك بالطريقة اليابانية.
الطريقة بشكل أساسي تعتمد على إضافة صوص الصويا والسكر في وعاء السلق ثم يتم خلطهم جيداً، ويضاف بعدها الماء ثم يتم تركهم ليغلوا لفترة قصيرة، فيتكون مزيج مثل الكرميل. أضيفوا بعدها السمك بحجمه الكامل أو شرائح الفيليه.
يُترك السمك في الماء يغلي لمدة تصل حوالي من 6 إلى 7 دقائق إذا كان عبارة عن فيليه أو سمك طويل بحجم صغير. أما إذا كانت السمكة أو الشرائح عريضة وكبيرة يتم سلقها في غضون 8 إلى 9 دقائق أي لمدة لا تتعدى 10 دقائق. إذا أطلتُم عليه سيصبح قوامه قاسي وجاف.
كما شاهدتم في الصورة السابقة سمك من نوع سريدين منقوع في الماء ولكن لا يغطيه. يُضاف بعض التوابل أو الخضراوات الأخرى أثناء سلق السمك اعتماداً على الطريقة والرغبة. ولكن يُرجى الانتباه عند تناول السمك المسلوق في اليابان، أحياناً يتم إضافة القليل من الساكي إلى صوص الصويا الذي يتم غلي السمك فيه، لذا كونوا حذرين من هذه النقطة.
وعادةً يقدم اليابانيون السمك المسلوق مع صوص الصويا التي اسُتعملت في سلقه، مما يضفي نكهة مميزة غنية بعناصر السمك الغذائية ورائحته الشهية. وكما يُضاف إلى جانب السمك الخضراوات من أجل وجبة متوازنة، وأيضاً يتم تقديمه مع طبق أرز وبعض المخللات اليابانية.
كما ترون في الصورة التالية، سمك النهاش الأحمر المسلوق مع صوص الصويا يشكل مزيجاً جميلاً في كل من لونه وقوامه الناعم.
أما في الصورة التالية تُوضح لكم شكل شرائح الفيليه لسمك الإسقمري مسلوق بحساء الميسو اللذيذ. فسلق السمك لا يعتمد على نوع واحد من الصوص، وإنما يعتمد على نوع السمكة وما يناسبها من صوص وتوابل حسب الرغبة.
الساشيمي
ساشيمي هو طبق ياباني يتكون بشكل رئيسي من مأكولات بحرية نيئة مقطعة إلى شرائح رقيقة أو شبه رقيقة، ويُقدم عادةً مع صلصة الصويا أو مع معجون الواسابي أو الزنجبيل وغيرهم من أنواع الصوص. وقد أُطلق على هذا النوع من الطبق كلمة “ساشيمي” لأنه في الماضي كان يتم وضع ذيل السمكة فوق شرائح اللحم المقطع حتى يعرف الزبون نوع السمكة التي يتناولها.
يضم الساشيمي أنواع كثيرة من المأكولات البحرية ومنهم الأخطبوط، ولكن في الثقافة اليابانية يتم طهي الاخطبوط قبل تقديمه في طبق الساشيمي. كما ويقال أنه في الماضي كان يُفضل وضع نوع واحد من المأكولات البحرية في طبق الساشيمي حتى تبرز رائحتها ويستمتع الزبون بتناولها، ولكن الآن مع التقدم أصبح الساشيمي يُقدم من عدة أنواع من المأكولات البحرية في طبق واحد.
ويقال إن طبق الساشيمي بدأ يتشكل في فترة كاماكورا. وقد كان في الأصل طبقًا فوريًا لصيادي السمك حيث كانوا يقطعون السمك ويأكلوه نيئًا. ولكن لم يكن هناك صلصة الصويا في ذلك الوقت، لذلك كانوا يتناولون السمك مع خل الوسابي أو خل الزنجبيل.
وبعدها ظهرت صلصة الصويا في فترة موروماتشي، وأصبح يتم تناول الساشيمي معها أو مع الواسابي. ولكن لأن صلصة الصويا كانت عنصرًا ثميناً، فلم يأكل الساشيمي إلا الأشخاص ذوي المستويات العالية. أما في نهاية فترة إيدو أصبحت أطباق الساشيمي وصلصة الصويا شائعة ومتوفرة لدى عامة الناس. ومازال يُعرف هذا الطبق بأنه طبق ياباني فاخر.
ويوجد مصطلح يُعرف باسم “تسوما” وهو يشير إلى ديكون الفجل والأوراق الكبيرة والأعشاب البحرية وغيرها التي تضاف إلى طبق الساشيمي، والتي تُستعمل أيضاً كزينة لجعل الطبق جميل وملون. وكما يشير هذا المصطلح إلى إزالة السموم أي “غسل الفم” فمثلاً إذا تناولتم ديكون الفجل قبل الساشيمي، سيعمل على محو طعم الأطباق الأخرى المتبقية في الفم مما يساعد على تعزيز طعم الساشيمي عند تناوله.
في الواقع، إن تناول الساشيمي مع صوص الصويا والفجل والأعشاب البحرية لذيذ وصحي للغاية. فإن لحم السمك النيء طري وناعم جداً يبعث شعوراً بالحنين وكأنكم على شاطئ البحر.
وعاء أرز مغطى بالساشيمي (كايسِن دون)
كايسِن دون في اللغة اليابانية تتكون من اتحاد كلمتين وهما كالتالي: مأكولات بحرية (كايسِن 海鮮) ووعاء أرز (دونبوري 丼)، وهكذا نتجت الكلمة “كايسِن دون” ويعني وعاء أرز بالمأكولات البحرية. وعادةً يتم تقطيع مجموعة متنوعة من المأكولات البحرية الطازجة (النيئة) فوق وعاء من من الأرز الأبيض الغير المتبل، تقريباً يُشبه الساشيمي من ناحية شرائح لحم السمك ولكن يُضاف تحته أرز.
وعادةً يتم تقديم وعاء “كايسِن دون” مع تشكيلة من الأطباق الجانبية، وأشهرها صلصة الصويا والواسابي. أما بالنسبة لطريقة تناوله فيمكنكم سكب صلصة الصويا كلها في الوعاء لتمتزج مع الساشيمي والأرز مرة واحدة، أو يمكنكم غمس كل قطعة من الساشيمي على حدة أثناء تناولها.
كما ترون في الصورة وعاء كايسِن دون فاخر مع تشكيلة واسعة من المأكولات البحرية وتحتها الأرز الأبيض، مُقدم مع أطباق جانبية مثل صوص الصويا والواسابي وبعض الأعشاب البحرية والحساء.
ولكن قد يخطئ البعض بين “كايسِن دون” و”سوشي شيراشي”. إن سوشي شيراشي يشبه إلى حد كبير كايسِن دون، ولكن الأرز الموجود في سوشي شيراشي هو أرز بالخل، تمامًا مثل أرز السوشي. إذ يمكن وصفه بأنه نوع من السوشي المفكك.
أما كايسِن دون عبارة عن شرائح من الأسماك النيئة والمأكولات البحرية الأخرى تقدم بمفردها فوق وعاء من الأرز الغير متبل ولا يوضع عليه خل فقط أرز أبيض.
تمبورا
هو طبق ياباني يتكون عادةً من المأكولات البحرية واللحوم والخضروات التي يتم تغليفها بمزيج يتكون بشكل أساسي من الماء والدقيق والبيض، ثم يتم قليها في الزيت. وعادةً يتم استعمال الجمبري والحبار وبعض أنواع الأسماك المتنوعة، هذا إلى جانب بعض أنواع الخضار التي تضفي طعماً مميزاً بعد قليها بجانب السمك، مثل الباذنجان والفلفل الحلو والكوسا والبطاطا الحلوة.
وهناك عدة أنواع في تحضير خلطة التمبورا، فقد يتم استعمال دقيق الأرز من أجل إضافة قرمشة رقيقة، وهناك من يُفضل استعمال دقيق القمح لنكهته القوية، ولكن يجب خلطه بعناية حتى لا يصبح كثيفاً ولزجاً. وأيضاً هناك من يستعمل الماء الفوار “الغازي” من أجل إضافة المزيد من الفقاعات إلى خليط التمبورا. فالخليط يعتمد أساساً على النتيجة التي يحددها ويرغب بها الصانع.
في الماضي كان الطعام الياباني المقلي يُقلى بدون استعمال أي غلاف مثل دقيق الأرز والتمبورا. ولكن في نهاية القرن السادس عشر، نُقلت لليابان ثقافة القلي باستعمال خليط من الدقيق والبيض من المبشرين البرتغاليين. ويُقال أن أصل الكلمة جاءت من اللغة البرتغالية “tempora” والتي تعني “فترة زمنية” وتُشير إلى فترات الاعتكاف التي يتجنب فيها الراهبان أثناء الصيام عن أكل اللحوم، فكانوا يتناولون السمك والخضار المقلي بالطحين.
وقد انتشرت التمبورا بشكل ملحوظ في فترة إيدو، وذلك لتقدم طرق انتاج الزيت فأصبحت متوفرو بسعر أرخص، وهكذا أصبحت التمبورا تُباع في أكشاك الطعام إلى جانب السوشي والسمك والسوبا وغيرهم، وكانت وقتها تُغرس بأسياخ وتؤكل مع صلصة الصويا كوجبة سريعة وخفيفة. فأصبحت تُعتبر واحدة من “أطباق إيدو الشهية”.
ومع مرور الزمن تطورت خلطة التمبورا اعتماداً على ذوق كل منطقة وأصبحت من الوجبات الشهية والمحبوبة من قبل جميع اليابانيين والأجانب الذين يزورون اليابان. وتُقدم التمبورا إما لوحدها مع صلصة الصويا كما شاهدتم، أو مع النودلز أو حتى فوق طبق من الأرز وفي هذه الحالة تُدعى “تين دو” في اللغة اليابانية ويعني وعاء أرز بالتمبورا.
الملخص
وهكذا تعرفتم على أشهر طرق طهي وتناول السمك في اليابان. فنظراً لأن اليابان دولة جزيرة محاطة بالبحر من جميع الجوانب، نجد أنها تشتهر بطرق عديدة في تناول السمك والمأكولات البحرية، هذا إلى جانب التنوع الجميل في تقديم شتى أنواع المأكولات البحرية الطازجة واللذيذة سواء لوحدها أو مع الأرز والنودلز وغيرهم.
أما في العالم العربي أعتقد أن شوي وقلي السمك هما الأكثر شيوعاً وانتشاراً في تناول السمك، بالتأكيد هناك أحياناً طرق تعتمد على السلق. ومع ذلك قد يستغرب بعض العرب من تناول السمك نيئاً وهذا أمر متوقع، نظراً لأننا دولة غير جزرية فطرق تناول السمك غير واسعة مثل اليابان.
ولكن إن كنتم من محبي المأكولات البحرية فإنكم ستُعجبون بأطباق مثل “الساشيمي” و “كايسِن دون” حيث إن قوامها ناعم وطري تماماً ولها نكهة مميزة خاصةً مع صوص الصويا والخضراوات، وهي آمنة تماماً ومليئة بالعديد من الفوائد الصحية. لذا عند زيارتكم لليابان لا تفوتوا فرصة تناول السمك بالطرق اليابانية الأصلية والتي ستنقلكم بلذتها إلى أجواء البحر المنعشة.