كيف كانت فترة المقاطعات المتحاربة في اليابان؟ نُقدم لكم أشهر أمراء الحرب والأحداث المشهورة خلال فترة المقاطعات المتحاربة!
فترة “سينغوكو” أو “فترة المقاطعات المتحاربة” وهي أعنف مرحلة في تاريخ اليابان، حيث وقعت فيها المعارك بشكل متكرر منذ بداية “حرب أونين” في الفترة من 1467 إلى 1477 واستمرت المعارك حتى إعادة توحيد البلاد في حوالي عام 1590. لقد كانت فترة سينغوكو فترة غير قانونية مليئة بالمعارك بين العشائر، حيث كان أمراء الحرب والدايميو “الحكام الإقطاعيين” يحاربون بعضهم البعض في مسرحيات لا نهاية لها من أجل الأرض والسلطة.
وقد برز في هذه المعارك أمراء الحرب وعُرفوا بقوتهم وإنجازاتهم التي كان لها أثر كبير في توحيد اليابان ونشر الأمن والاستقرار فيها، وفي هذه المقالة سنتعرف على أهم أحداث ومعارك فترة سينغوكو، وسأقدم لكم أشهر أمراء الحرب إلى جانب نبذة واضحة عن حياة الناس في هذه الفترة. لنبدأ جولتنا التاريخية!
فترة سينغوكو “فترة المقاطعات المتحاربة”
في فترة سينغوكو كان يوجد نظام يُدعى “جيكوكوجو” وهي كلمة يابانية تشير إلى أنه إذا كان الشخص في مركز أدنى يمكنه الإطاحة بشخص في منصب أعلى باستخدام القوة العسكرية أو السياسية، والاستيلاء على السلطة. ففي هذه الفترة انتشر الميل للفوز بالسلطة بالقوة، وظهر أمراء حرب سينغوكو الذين سنشهد لهم تحركات كبيرة لاحقاً.
أما الزناد الذي أشعل فترة سينغوكو هو فقدان سلطة موروماتشي شوغونيت بسبب “حرب أونين”. فبدأ الدايميو “الحكام الإقطاعيين” واللوردات “أمراء الحرب” الذين تجنبوا الصراع حتى ذلك الحين، القتال في أماكن مختلفة وذلك بهدف زيادة قوتهم وحكم المزيد من الأراضي ومنهم من أراد توحيد البلاد. كانت مرحلة عنيفة فلم يكن هناك خيار للضعيف حتى سوى القتال وإلا خسر أرضه وعشيرته.
بالمناسبة كل الساموراي المشهورين الذين لعبوا دوراً نشطاً في فترة المقاطعات المتحاربة هم “قادة عسكريون”. ومن بينهم القادة العسكريين الذين سيطروا على الأراضي بقمع المواطنين وفي هذه الحالة يُدعى القائد “سينغوكو دايميو” ويعني “حاكم إقطاعي لفترة سينغوكو”.
تفاصيل وأحداث فترة سينغوكو
سأعرض عليكم أحداث فترة سينغوكو بالتركيز على أمراء الحرب “أودا نوبوناغا، وتويوتومي هيديوشي، وتوكوغاوا إياسو” الذين ساروا في طريق توحيد اليابان.
في نهاية فترة “موروماتشي”، حدثت انقسامات وسط الأسرة الحاكمة أدخلت البلاد في دوامة من العنف والقتال، عرفت هذه الفترة بحروب “أونين” التي اندلعت بسبب خلاف حول العرش الإمبراطوري، حيث كانت عشيرتي “الهوسوكاوا” و”اليامانا” طرفي الصراع، ودامت الحرب ما بين عام 1467-1477 م.
فحسب الأعراف اليابانية، يقوم الحاكم “الشوغون أو الإمبراطور” باختيار شخص من بين ذريته والذي يراه الأنسب لخلافته. فقام الشوغون “أشيكاغا يوشيماسا” باختيار شقيقه “يوشيمي” خليفة له. ولكن بعدها بفترة قصيرة ولد طفل يوشيماسا واسمه “يوشيهيسا” ومن هنا زاد الرغبة والضغط لجعل “يوشيهيسا” الخليفة حيث كان هو أولى في نظر البعض، فانفصلت الأسرة إلى قسمين، قسم مع “يوشيمي” وقسم مع”يوشيهيسا”، وانضمت العشائر القوية والمؤثرة مثل “هوسوكاوا” وعشيرة “يامانا” وتطور الخلاف ليتحول إلى معركة.
جرت أغلب المعارك حول مدينة كيوتو، وامتدت أحياناً لتضم معها الطرقات والشوارع. وبلغ عدد المجندين فيها حوالي 160.000 جندي في الجيش الشرقي، و110.000 في الجيش الغربي. ولكن على امتداد سنوات الحرب، قام زعماء الحرب بتغيير تحالفاتهم أكثر من مرة، فكانت النتيجة أنه لم يستطع أي من طرفي الصراع حسم الموقف على ساحة المعركة. ومع ذلك ما أدى إلى توقف المعركة هو وفاة زعيمي العشيرتين المتقاتلتين المفاجئ سنة 1473 م.
فتخلى “يوشيماسا” عن منصبه، وقام بتنصيب ابنه “يوشيهيسا ليصبح “”شوغون” ولكنه لم يستطع التحكم في طموحات الدايميو “الحكام إقطاعيين”، وبهذا كانت قوة الدايميو والاضطرابات الداخلية في ازدياد، حيث كانوا يتعاركون بين اللوردات المتجاورين ويأخذون الأضرحة والقصور بالقوة.
ثم انتشرت المواجهات لتعم أغلب مناطق البلاد، ولكن هدأت الأحوال مع نهاية عام 1477 م، ولكن كان هذا هدوءً مؤقتاً حيث بدأت بعدها بفترة قصيرة أحداثاً أعنف من قبل، عُرفت باسم “فترة المقاطعات المتحاربة” أو “سينغوكو”. وبهذا نجد أن المعارك في النصف الأول من فترة المقاطعات المتحاربة، كانت تتركز على الأراضي بين العشائر القوية في كل منطقة، بينما في النصف الأخير من فترة سينغوكو تتحول المعارك بين الدايميو الذين حكموا المناطق المحيطة.
كان الساموراي “هوجو سون” أول شخص يصبح دايميو سينغوكو في نظام جيكوكوجو، وبعدها بدأ نظام جيكوكوجو بالانتشار وبدأت فترة المقاطعات المتحاربة حيث “تتحدث القوات المسلحة عن نفسها وليس المكانة”.
ففي منطقة “توكاي” أصبح “سايتو دوسان” بقوته “سينغوكو دايميو” في “مينو” بعد أن وافق عليه كاهن.
تمثال أودا نوبوناغا
خطوات أمير الحرب “أودا نوبوناغا” في توحيد اليابان
بدأ أمير الحرب نوبوناغا عام 1560م بأول مواجهاته ضد عشيرة “إيماغاوا” في “معركة أوكيهازاما” حيث قام سيد هذه العشيرة “إيماغاوا يوشيموتو” بجمع ما يزيد عن 25.000 محارب وهو عدد خيالي بالنسبة لجيش نوبوناغا الذي يُقدر بحوالي 3000-5000 محارب. ولكن استطاع نوبوناغا الانتصار بخططه العسكرية الذكية وهزم قائد العشيرة الذي كان يُعرف كواحد من أقوى دايميو في اليابان.
فتشجع نوبوناغا إلى المزيد من التقدم لإكمال خطته في توحيد اليابان، فعمل على عقد تحالف عسكري مع أمير الحرب “توكوغاوا إياسو” وقد كان هذا التحالف من أفضل الإنجازات التي قام بها نوبوناغا، حيث كان بمثابة غطاء يحمي ظهره ساعده في توحيد نسبة كبيرة من اليابان.
وبعد ذلك هزم نوبوناغا خصمه “تاتسوأوكي” حفيد الساموراي “سايتو دوسان” ودخل قلعة “إيناباياما”، ورفع “أشيكاغا يوشياكي” ليصبح في مكانة الشوغون الخامس عشر. وفي هذا الوقت تقريباً بدأ يفكر “لكي يوحد البلاد، عليه أولاً التحكم في كيوتو ثم السيطرة على البلاد بأكملها”.
ولكن لابد أن ننتبه أن الشوغون يوشياكي لا يحب نوبوناغا بسبب تمتعه بقوة سياسية كبيرة. ولذلك سيتعاون يوشياكي في وقت لاحق مع عشيرة “أساي” وعشيرة “أساكورا” وعشيرة “تاكيدا” لبناء “شبكة حصار نوبوناغا”.
معركة أوكيهازاما “تمثال نوبوناغا وزعيم عشيرة إيماغاوا”
ومع ذلك لم يسمح لهم نوبوناغا بهزيمته، فأحرق معبد “إنرياكوجي” ودمر عشيرة أساكورا وعشيرة أساي في “معركة كانيغاساكي” و “معركة أنيغاوا” وتم طرد يوشياكي من كيوتو عام 1573 وانتهت نظام موروماتشي شوغونيت. وأصبح يُطلق على نوبوناغا “السيد المطلق” وانتشرت انجازاته في جميع أنحاء البلاد.
بعد ذلك من أجل إيقاف “شبكة حصار نوبوناغا” حارب نوبوناغا خصمه “تاكيدا كاتسويوري” الذي قيل أنه أقوى سينغوكو دايميو في ذلك الوقت. فاندلعت “معركة ناغاشينو” في عام 1575 وشارك نوبوناغا حليفه “توكوغاوا إياسو” لمساعدته. وفي هذه المعركة يُشار إلى استخدام نوبوناغا الماهر للأسلحة النارية لهزيمة تكتيكات سلاح الفرسان الخاصة بتاكيدا كنقطة تحول في المعركة، حيث يعتبرها الكثير بأنها أول معركة يابانية حديثة.
وبعد هزيمة تاكيدا بدأ نوبوناغا ببناء قلعة “أزوتشي” عام 1576 وأصدر مرسوم يسمح بالتجارة الحرة، من أجل تعزيز التنمية التجارية حيث سيطر ليس فقط على المناطق المحيطة بكيوتو، بل أيضاً على معظم مناطق كينكي وتشوبو.
ولكن في مناطق أخرى كان هناك من رفض طاعته، خاصةً الكهنة وأصحاب القوى الدينية. حيث كان للقوى الدينية في ذلك الوقت قوة تنظيمية متماسكة، وكان لهم نشاط في الحكم، ولذلك كانوا في صراع مع سينغوكو دايميو في أماكن مختلفة.
تاكيدا كاتسويوري
نوبوناغا الذي كان يكره السلطة والمعابد والأضرحة المسلحة، بدأ حملاته واحدة تلو الأخرى في هجوم ومحاصرة أعدائه ومنهم “حصار ناغاشيما” و”حصار إيتشيزين”. وفي عام 1580 استسلم أخيراً الكاهن “كوسا” من معبد “إيشيياما هونغان جي”، وهو المعبد الرئيسي لطائفة “إيكو” فنجح نوبوناغا في قمع القوى الدينية تماماً.
أما في منطقة “تشوغوكو” كان السيد “موري” أحد الإقطاعيين الذين لم يطيعوا نوبوناغا. ولذلك أمر نوبوناغا هيديوشي أن يهزم السيد موري الذي كان أكبر دايميو في منطقة تشوغوكو، وأرسل له مجموعة من جيشه بقيادة “أكيتشي ميتسوهيدي” بينما نوبوناغا توجه إلى معبد “هونوجي” للاستراحة بالقرب من كيوتو.
ولكن في ذلك الوقت كان من المفترض أن ميتسوهيدي قد اتجه غرباً بناءً على أوامر قائده نوبوناغا لدعم هيديوشي ضد عشيرة “موري”، ولكن بدلاً من ذلك غيّر ميتسوهيدي مساره وقاد جنوده لمحاصرة نوبوناغا. فأضرم النيران من حول المعبد وأجبر نوبوناغا على الانتحار بطريقة “سيبوكو” بقعر بطنه. وتُعرف هذه الحادثة باسم “حادثة هونوجي”
توفي نوبوناغا عام 1582 قبل أن يكمل تحقيق هدفه، حيث كان على بعد خطوة واحدة من توحيد اليابان.
معبد هونوجي، كيوتو “موقع موت نوبوناغا”
تويوتومي هيديوشي يكمل خطى نوبوناغا
في وقت وفاة نوبوناغا كان هيديوشي قد انتصر بالفعل على قوات “موري موتوناري” في غرب اليابان، واستطاع إبرام هدنة قبل أن يعلم خصومه من طرف موري بوفاة نوبوناغا، ثم هرع شرقاً لمواجهة ميتسوهيدي في “معركة يامازاكي” خارج كيوتو بعد 11 يوماً من حادثة هونوجي وهزمه.
وفي عام 1583 اندلعت “معركة شيزوجاتاكي” بين هيديوشي و “شيباتا كاتسويوري” في شيزوجاتاكي بمقاطعة “أومي” في مايو بسبب النزاع على الخلافة داخل عشيرة أودا وفاز بها هيديوشي. فأمر هيديوشي ببناء قلعة أوساكا في موقع معبد “إيشيياما هونغان جي” وأعلن أنه ليس فقط الدايميو ولكن أيضاً ستكون القوى الدينية تحت السيطرة.
وفي عام 1584 انضم هيديوشي إلى “أودا نوبوكاتسو” و “توكوغاوا إياسو” في “معركة كوماكي وناغاكوتي”. وفي العام التالي استطاع هيديوشي إخضاع “تشوسوكابي موتوتشيكا” والسيطرة على منطقة “شيكوكو”.
وبعدها تم تعيين هيديوشي “كانباكو” بمعنى وصي الامبراطور، وفي العام التالي منحه الإمبراطور اسم العشيرة تويوتومي. ثم أصدر هيديوشي قراراً يمنع التقاتل بين الإقطاعيات وكان يقاتل من يرفض هذا القرار مثل عشيرة “شيمازو” التي رفضته فهزمها. وفي عام 1590م هزم هيديوشي عشيرة “هوجو” في “أوداوارا” فزادت سلطته ونجح في توحيد اليابان بعد 8 سنوات فقط من وفاة نوبوناغا.
وفي جزيرة كيوشو كان يوجد التجار الغرب والمبشرين الذين كانوا يحاولون نشر المسيحية وثقافتهم، وكان أيضاً هناك البرتغاليين الذين يشترون ويبيعون العبيد اليابانيين. وهذا أغضب هيديوشي فقام بطرد جميع المسيحين والمبشرين من اليابان. وقام بإخضاع جزيرة “كيوشو” الجنوبية تحت سلطته عام 1587م والتي هي موطن لموانئ التجارة الرئيسية التي يعبر من خلالها سلع من الصين وكوريا والبرتغال ودول أخرى.
بعد إنجازه في توحيد الكثير من المناطق، قرر هيديوشي أن يقوم بغزو الصين وكوريا فأطلق جيوشه عام 1592م و 1597م، ولكن لم يستطع الانتصار. فحاول تأمين منصبه لابنه “هيديوري” ولكنه لم يستطع وتوفي عام 1598م.
توكوغاوا إياسو يستمر في خطى توحيد اليابان بعد هيديوشي
كان إدارة تويوتومي بعد وفاة هيديوشي ليست مستقرة، فعمل توكوغاوا إياسو على توسيع سلطته بشكل مستقل وسيطر على السياسة في قلعة “فوشيمي”. فاندلعت “معركة سيكيغاهارا” الحاسمة عام 1600م بسبب صراع مباشر مع “إيشيدا ميتسوناري”. وقد شارك في هذه المعركة أكثر من 70000 محارب ساموراي موزعون على كل جانب، واستطاع إياسو تحقيق نصر كامل في هذه المعركة.
أصبحت قوة إياسو واضحة في “معركة سيكيغاهارا” وبعد ثلاث سنوات بدأ إياسو نظام “شوغونية توكوغاوا” في الحكم الذي استمر لما يزيد عن قرنين ونصف (1603-1868م). وهو نظام سياسي إقطاعي أسسه توكوغاوا إياسو وحُكم من قبل “الشوغون” أي القائد العسكري من عائلته توكوغاوا.
ومن هنا انتهت فترة المقاطعات المتحاربة وبدأت فترة إيدو شوغونيت حيث حل الاستقرار والسلام في عهد توكوغاوا إياسو.
قائمة أمراء الحرب الرئيسيين خلال فترة المقاطعات المتحاربة
١. أودا نوبوناغا
كان هدفه توحيد اليابان، ويقال إنه كان غير صبور وعُرف بحفظه للوعود وعدم نكثه لها. ولد نوبوناغا سنة 1534م في مقاطعة “أواري” (محافظة آيتشي) وعندما بلغ 17 عام من عمره أصبح سيداً على هذه المقاطعة. وتولى الحكم بعد وفاة والده، حيث بدأ من تلك اللحظة بوضع خططه لتوحيد اليابان.
وبعد السيطرة على “مينو” والانتقال إلى “كيوتو”، أصبح أشيكاغا يوشيكاي الشوغون رقم 15 ولكن العلاقة تدهورت بعد ذلك وعانى نوبوناغا من “شبكة حصار نوبوناغا” التي تسبب بها يوشيكاي لهزيمة نوبوناغا.
بعد ذلك في عام 1573 أدى موت “تاكيدا شينغين” إلى تدمير نظام موروماتشي شوغونيت، وعشيرة “أساكورا” و “أساي”. واحرق نوبوناغا معبد “إنرياكوجي” وقمع القوى الدينية. كما ساهم في تطوير التجارة. أطلق سياسات عديدة لدعم التجارة، وسمح للمبشرين المسيحيين والأوروبيين بدخول اليابان على الرغم من رفضه لجميع المعتقدات، فقد كانت نيته في الأصل الحصول على البنادق الأوروبية الحديثة وتوسيع التجارة في الأراضي التي يحكمها من أجل ازدهارها.
خاض نوبوناغا العديد من المعارك وكان النصر حليفه دائماً، ولكن تزامناً مع انتشار قوة نوبوناغا وانجازاته وازدهار أراضيه، خاف “الدايميو” من سيطرته على المزيد من الأراضي، فشكلوا تحالفات ضده مع الكهنة، فاضطر نوبوناغا إلى مواجهتهم جميعاً بالتتالي وانتصر عليهم. واستطاع تحقيق بعض الاستقرار بدمج ساموراي والفلاحين والأثرياء معاً من أجل توحيد اليابان.
ولكن كما رأينا في النهاية توفي نوبوناغا قبل أن يكمل خطته في تطوير وتوحيد اليابان بسبب خيانة تابعه أكيتشي ميتسوهيدي له.
٢. تويوتومي هيديوشي
خليفة نوبوناغا الأمير المحارب “تويوتومي هيديوشي” ولد هيديوشي عام 1537م في “ناكامورا” بمقاطعة أواري، وهي أرض تابعة لأودا نوبوناغا. وقد كانت أسرته من طبقة الفلاحين الدنيا، وبعد رحلة طويلة في التعلم والبحث وجد هيديوشي مكانه المناسب في خدمة نوبوناغا وأصبح “سينغوكو دايميو” وقد كان يتمتع بشخصية ذكية وودودة.
كان هيديوشي يساعد نوبوناغا في وضع الخطط العسكرية الناجحة والتي كانت تنتهي دائماً بالنصر. كما انتصر في معارك متتالية وأسقط القلاع في خدمة سيده نوبوناغا. وخلال هذه الفترة جمع ثروة دنيوية عظيمة، وحصل على لقب “كانباكو” بعد تحقيقه إنجازات كثيرة.
واتبع سياسة حظر السلاح بين عامة الشعب إلا لمحاربي ساموراي، وشجع على التجارة في الأراضي كما فعل سيده نوبوناغا من قبل، فشجع الفلاحيين والشعب على الزراعة والصناعة وعمل على تسهيل تبادل التجارة بين الأسواق. وفي النهاية مات هيديوشي بسبب المرض عام 1598م.
٣. أكيتشي ميتسوهيدي
ولد أكيتشي ميتسوهيدي عام 1528 بمقاطعة “مينو” (محافظة جيفو) وتم تربيته ليصبح جنرالاً من قبل سايتو دوسان وعشيرة “توكي” أثناء حكمهم لمقاطعة مينو. تعلم ميتسوهيدي أحدث التقنيات مثل استعمال البنادق والسيف، كما تعلم شعر “واكا” وكان يتميز بذكائه وأناقته.
كان ميتسوهيدي حارساً شخصياً لأشيكاغا يوشياكي، وكان جنرالاً ناجحاً تحت قيادة نوبوناغا خلال معاركه من أجل توحيد اليابان. ولكن تمرد ميتسوهيدي ضد نوبوناغا لأسباب غير معروفة في حادثة هونوجي عام 1582 مما أجبر نوبوناغا على ارتكاب “سيبوكو”.
حاول ميتسوهيدي أن يثبت نفسه على أنه شوغون، ولكن طارده تويوتومي هيديوشي وهزمه في “معركة يامازاكي” بعد 11 أيام فقط من خيانته نوبوناغا وتوفي في بستان من الخيزران في منتصف الطريق.
٤. تشوسوكابي موتوتشيكا
وُلد تشوسوكابي موتوتشيكا في “توسا” (محافظة كوتشي حالياً) عام 1539 وكان تشوسوكابي سينغوكو دايميو مشهور، حيث كان الزعيم الحادي والعشرين لعشيرة تشوسوكابي في مقاطعة توسا، وكان يحكم منطقة شيكوكو.
ولكن عندما كان صغيراً كان ذو شخصية هادئة ولطيفة، فاستهزئ به الناس من حوله فلقبوه بـ”هيماكاكو” أو “الأميرة الصغيرة” وكان والده قلقاً عليه بسبب شخصيته اللطيفة، ولكن تبخرت مخاوف والده عندما أثبت تشوسوكابي كم هو ساموراي بارع في القتال.
حيث كانت أولى المعارك التي خاضها تشوسوكابي هي “معركة ناغاهاما” ضد عشيرة “موتوياما” عام 1560 وعندما بدأت المعركة اخترق تشوسوكابي مركز جيش العدو وهزم عشيرة موتوياما. وبعد توليه الأسرة وسع سلطته أكثر. وفي عام 1575 اندلعت “معركة شيمانتوجاوا” وانتصر تشوسوكابي على “إيتشيجو كانيسادا” ونجح في توحيد توسا.
وبعدها تقدم تشوسوكابي إلى مقاطعة “سانوكي” وانتصر على “سينجوكو هيديهيسا” في “معركة هيكيتا”. وبحلول عام 1580 سيطرت قوات تشوسوكابي على كل من “أوا” و”سانوكي”. وحتى عام 1585 وسع قوته ليشمل كل جزيرة شيكوكو مما جعل حلمه في حكم شيكوكو بأكملها حقيقة واقعة.
ومع ذلك بسبب التوسع السريع للسلطة في شيكوكو، أمر نوبوناغا تابعه هيديوشي بإخضاع شيكوكو، ونجح في ذلك. وبعدها خطط نوبوناغا لهجوم آخر على شيكوكو، ولكنه مات في “حادثة هونوجي” وتم إلغاء الخطة.
غزا تشوسوكابي منطقة شيكوكو بأكملها مرة أخرى، ولكن هيديوشي قاد جيشاً كبيراً يبلغ عدده 100.000 ليغزو شيكوكو مرة أخرى ونجح في إخضاعها، وتوفي تشوسوكابي موتوتشيكا في عام 1599 عن عمر يناهز 60 عاماً في قصره في فوشيمي.
٥. توكوغاوا إياسو
ولد الأمير المحارب إياسو باسم “ماتسودايرا تاكيتشيو” في قلعة “أوكازاكي” في مقاطعة “ميكاوا” عام 1543م، وهو الابن الأكبر ل “هيروتادا ماتسودايرا” الذي حكم مقاطعة ميكاوا (محافظة أيشي). تم احتجاز إياسو كرهينة وهو صغير، لكن كانت معركة أوكيهازاما عام 1560 التي خاضها نوبوناغا ضد عشيرة “إيماغاوا” نقطة حاسمة، حيث أصبح إياسو مستقلاً عن عائلة إيماغاوا بعد هزيمة نوبوناغا للزعيم “إيماغاوا يوشيموتو”.
وتحالف بعدها مع نوبوناغا، فشارك معه لتدمير “شبكة حصار نوبوناغا” حيث كان خصمهم الأقوى هو تاكيدا شينغين ثم خليفته تاكيدا كاتسويوري وهم أقوى دايميو في فترة المقطاعات المتحاربة. وعندما مات نوبوناغا في “حادثة هونوجي” أصبح إياسو في خدمة هيديوشي في “معركة كوماكي وناغاكوتي”.
حيث كان إياسو يبحث عن فرصة للسيطرة على العالم من خلال الخضوع لـ نوبوناغا في وقت واحد وهيديوشي في وقت آخر. ولكن بعد وفاة هيديوشي عام 1598 كان إياسو الأقوى من بين أعضاء مجلس الكبار الخمسة العظام والذين كان من المفترض أن يحكموا حتى يبلغ نجل هيديوشي الصغير سن الرشد. ولكن إياسو سرعان ما بدأ في تشكيل تحالفات والتصرف كما لو كان حاكماً للبلاد. فانضم “إيشيدا ميتسوناري” أحد كبار رجال هيديوشي إلى “موري تيروموتو” وهو واحد من الكبار الخمسة العظام، لتشكيل جيش بهدف الإطاحة بإياسو.
ولكن نجح إياسو في هزيمتهم وخلف الحكم بعد هيديوشي، وبعد نجاحه في إحكام سيطرته على البلاد حصل إياسو في عام 1603 على لقب شوغون وأسس رسمياً حكم الساموراي في إيدو. ومن هنا بدأ نظام إيدو شوغونيت الذي استمر لمدة قرنين ونصف.
ولكن بعد سنتين من أخذ لقب “شوغون” تنحى إياسو عنه وأعطاه لابنه “هيديتادا” ليقوم بالسيطرة الاسمية. ولكن هذه كانت جزء من خطط إياسو الذكية ليؤكد أن لقب الشوغون سيتم الحصول عليه بالوراثة، واستمر إياسو في التحكم والمراقبة في الخيوط السياسية من وراء الكواليس من مقر إقامته في قلعة “سونبو” في محافظة “شيزوكا”
وفي ذلك الوقت أمر إياسو ببناء “قلعة إيدو” في طوكيو على نطاق ضخم والتي أصبحت قاعدة قوة لحكام توكوغاوا المستقبليين. وقد اتخذ إياسو سلسلة من الإجراءات لإصلاح النظامين السياسي والاقتصادي، وهكذا تمكن من أن يبسط سيطرته بشكل جيد على البلاد.
في عام 1616 أصاب إياسو المرض بعد خروجه في رحلة للصيد مع صقوره، ويبدو أنه كان مصاب بسرطان المعدة. وبما أن إياسو كان يمارس الطب وصنع الأدوية كهواية فتجاهل أوامر طبيبه وعالج نفسه بأدويته. ولكن حالته تدهورت بشكل مطرد وتوفي في 1 يونيو عام 1616 عن عمر يناهز 73 عام.
كيف تبدو الحياة في فترة المقاطعات المتحاربة؟
- الطعام
كان الناس يتناولون الطعام مرتين في اليوم، وكانت الناس العادية تتناول الدخن والأرز الأحمر “دايتوماي” بسبب تكلفته المنخفضة وبسبب توافره بكثرة. أما الأطباق الجانبية فعادةً تكون مكونة من “الميسو” والنباتات البرية الصالحة للأكل والنباتات البرية. وحسب المنطقة كانت الناس تطهو اللحوم مثل لحم البقر والحصان والغزلان والخنازير البرية والأسماك.
وبما أن فترة سينغوكو كانت مليئة بالمعارك، فلم يكن بعرف الساموراي متى ستبدأ المعركة ولذلك كان يتم طهي الأرز دفعة واحدة في الصباح الباكر ويتناولونه بشكل منفصل في حوالي الساعة 8 صباحاً والساعة 2 ظهراً، وعندما يستيقظون في وقت متأخر من الليل كان يتناولن وجبة خفيفة في حوالي الساعة 9 مساءً.
وبسبب ممارسة الساموراي للتمارين، فكانوا يفضلون الأطعمة بالتوابل القوية. واعتمد الأثرياء في طعامهم على الخضار والأعشاب البحرية و “الكامابوكو” و “الناتو” والخوخ المخلل وغيره من أنواع مخللات كأطباق جانبية. ويبدو أنه كانت هناك العديد الساموراي من المستوى المتوسط أو الأقل لم يتناولوا أطباق جانبية.
بالمناسبة كان أودا نوبوناغا يحب الياكيتوري “لحم الدجاج” المتبل بالميسو والفجل المسلوق وفطر “شيتاكي”، وطبق الأرز بالماء الساخن. أما تويوتومي هيديوشي كان يحب تناول كرات الأرز “أونيغيري” وأرز الشعير الممزوج بفول الصويا وميسو كغذاء أساسي له، وكان يحب تناول الأخطبوط والحبار.
بينما توكوغاوا إياسو أعتقد أن “طول العمر هو مصدر البقاء” ودائماً ما كان يهتم بصحته. فكان دائماً بقوم بصنع الدواء بنفسي وتناول أرز الشعير البسيط وقد عاش إياسو لأكثر من 70 عاماً وهذا يوضح مدى صحة تناوله.
وبالنسبة للأطعمة التي كانت تحمل خارج المنزل أشهرها كانت كرات الأرز “أونيغيري” و “الموتشي”، ومكسرات الأرز، والكاكي المجفف، والناتو، والأسماك المجففة، والخوخ المجفف، والميسو، والملفوف. يقال إن “داتي ماساموني” المشهور بكونه بحبه للأطعمة، عمل على تطوير التوفو المجمد حتى يتمكن من تناوله بلذة حتى أثناء الحرب.
- الملابس
كان نمط الملابس يعتمد على الطبقة التي ينتمي لها الشخص، فمثلاً كان لباس الساموراي الرسمي هو “الكاميشيمو”، وكان الرجال العاديون يرتدون لباس كيمونو “كوسودي” سهل الحركة، وفي الصيف الحار كانوا يرتدون كيمونو بلا أكمام.
كما قامت زوجات وفتيات الساموراي بارتداء كيمونو جميل وملون مع تسريح شعرهن بشكل جميل ووضع إكسسوارات. وفي نفس الوقت لم تكن تُباع الملابس الراقية في جميع الأسواق إلا في أماكن معينة، وكانت النساء النبيلات يرتدين الكيمونو الذي يتم صنعه حسب الطلب.
أما النساء العاديات فكن يرتدين بشكل أساسي كيمونو “كوسودي” حيث اعتمدن بشكل عام على الكيمونو سهل الحركة للحياة اليومية، والذي يمكن أن يتسخ أثناء العمل.
الخلاصة:
في هذه المقالة تعرفنا على أحداث متعددة ومهمة في فترة سينغوكو، وتتبعنا كيفية تسلسل أمراء الحرب في تولي مهام توحيد اليابان بالتتالي. في الواقع فترة سينغوكو كبيرة وبها العديد من القادة وأمراء الحرب مثل داتي ماساموني وعشيرة “سينداي” وأمراءها وغيرهم، والتركيز على كل جانب منهم يتطلب شرح كبير. ولذلك قدمت لكم في هذه المقالة شرح يركز على أهم أمراء هذه الفترة وأبرز إنجازاتهم، وهذه المعلومات لابد من معرفتها عند دراسة التاريخ الياباني في فترة سينغوكو.
يمكنكم استرجاع بعض المعلومات التي قرأتموها هنا من خلال مشاهدة فيلم أو دراما يابانية تاريخية أو من خلال قصة تاريخية لهذه الفترة مثل دراما “مقطوعة نوبوناغا الموسيقية” وهي دراما كوميدية بعض الشيء وفي نفس الوقت جدية وتعرض أحداث تاريخية صحيحة بطريقة مشوقة، ولذلك أوصي بمشاهدتها، وأشكركم على القراءة حتى النهاية!