شرح الاختلافات الثلاثة الرئيسية بين اللغة اليابانية واللغة العربية
تعد اللغة اليابانية من اللغات المميزة بأنظمة كتابتها ونطقها حيث يصل عدد المتحدثين بها حوالي ١٢٧ مليون نسمة، وهو عدد كبير جداً مقارنةً مع الناطقين باللغات الأخرى مثل الفرنسية والعربية وغيرها من اللغات. وقد حظيت اللغة اليابانية بإقبال كبير على دراستها من جميع أنحاء العالم، وذلك بعدما برزت اليابان بقوتها الصناعية و بتقدمها الاقتصادي الذي أدى إلى ارتفاع مركزها على المستوى العالمي، هذا إلى جانب حفاظها على ثقافتها وتقاليدها وانتاجاتها المبدعة التي جذبت اهتمام العالم على نطاق واسع.
حيث ظهرت مؤسسات تعليم اللغة اليابانية وازداد عدد دارسيها في العالم بشكل كبير مع مرور الوقت. فبحسب ما أوردته مؤسسة اليابان، فقد تقدم ما يقرب من ٦١٠ آلاف شخص لاختبارات JLPT (اختبار الكفاءة في اللغة اليابانية) في اليابان وفي غيرها من البلدان حول العالم. ولكن هل اللغة اليابانية صعبة جداً؟ في وفي ماذا تختلف عن اللغة العربية؟ سأجيب على هذه الاسئلة بالتفصيل في هذه المقالة.
الاختلاف الأول عن اللغة العربية: تاريخ اللغة اليابانية وتطورها
اختلف العلماء حول أصول اللغة اليابانية، ولكن تم اعتبارها كجزء من اللغات الآلطائية على خلاف اللغة العربية والتي هي من اللغات السامية. وتتميز اللغة الآلطائية بصفة الإلصاقية وذلك لأن أصل الكلمة في هذه اللغات لا يطرأ عليه تغييرات صرفية، وإنما يضاف إليها لواحق من أجل تحقيق معاني دلالية ووظائف لغوية محددة.
على غرار اللغة العربية التي تميزت بقواعدها العميقة والتي لها القدرة على تكوين أزمنة مختلفة ومعاني كثيرة فقط باستخدام كلمة واحدة. وقد استُخدمت اللغة الآلطائية على نطاق واسع في القبائل في أوائل آسيا الوسطى التي عاشت بالقرب من بحر قزوين في الالفية السابعة والثانية قبل الميلاد ومنها اللغة الكورية والمنشورية والتركية.
كانت اللغة اليابانية في الماضي لغة محكية فقط، فلم يكن هناك حروف كتابة حتى وقت انتقال الرموز الصينية إلى اليابان عبر شبه الجزيرة الكورية، خلال فترات التبادل التجاري وتبادل الفلسفات عبر الأختام والسيوف والعملات المعدنية.
هذا إلى جانب البعثات الدبلوماسية التي كانت تُرسل إلى الصين مما زاد من فرص معرفة قراءة وكتابة الرموز الصينية. والتي تعرف باسم “كانجي” ويرجع تاريخ نشأته إلى أكثر من ٣٠٠٠ عام، حيث استخدم اليابانيون الكانجي بدايةً مع طريقة نطقه في اللغة الصينية من أجل التواصل وكتابة الرسائل والوثائق المهمة. ثم فكر اليابانيون في طريقة لاستخدام الكانجي بشكل يناسب لفظهم ولغتهم الأصلية. فبدأوا يلفظونه بلكنة لغتهم المحكية فكونوا قراءة خاصة بهم تتناسب مع لغتهم. فأصبح استخدام الكانجي يُقرأ بشكل مختلف عن النطق الصيني.
وبعد فترة من الزمن ظهر نظام كتابي جديد يسمى “مانيوغانا” وهو نظام يستخدم الرموز الصينية لكتابة اللغة اليابانية. ولكن في القرن التاسع الميلادي قامت النساء بتبسيط هذه الأحرف واستعانت بها في تكوين نظام كتابي جديد يسمى “الهيراغانا” وقد استخدمنها في الأعمال الأدبية وفي كتابة الأشعار والقصص في القرن الحادي عشر حتى الثاني عشر ميلادي. ويوجد العديد من الأدلة عن الأعمال الأدبية للنساء في فترة هييان مكتوبة بالهيراغانا.
وبعدها ظهرت حروف “الكاتاكانا” عن طريق الرهبان التي استخدموها كرموز لقراءة الكانجي عند دراسة الكتب البوذية في القرن الثامن والتاسع عشر، ثم أخذت هذه الأحرف بالتشكل والتطور حتى وصلت إلى شكلها الحالي الذي نستخدمه.
الاختلاف الثاني عن اللغة العربية : الحروف اليابانية
تحتوي اللغة العربية على نظام كتابة واحد ويبلغ عدد الحروف الهجائية فيها إلى ٢٨ حرفاً أساسياً دون الهمزة، على عكس اللغة اليابانية والتي تتكون من ثلاثة أنظمة كتابة لا غنى عنها في اللغة وهي على النحو التالي:
الكانجي: وهي الرموز الصينية التي انتقلت إلى اليابان منذ القدم، وكانت أول الحروف التي استعملتها اليابان في نظامها الكتابي كما وضحت سابقاً. ويُقدر عدد حروف الكانجي في اللغة اليابانية بعد حذف معظمها من ٥٠٠٠ إلى حوالي ٢٠٠٠ حرف. ويختلف استعمال اليابانيون للكانجي عن الصين. فمثلاً كانجي كلمة شهر هو(月) ويُقرأ باللكنة اليابانية “جيتسو /جاتسو”.
ويستخدمه اليابانيون أيضاً للإشارة لكلمة “قمر” وتلفظ “تسكي” وهي كلمة موجودة في اللغة اليابانية الأصلية المحكية. وكما نرى استعمل اليابانيين نفس الكانجي للإشارة للقمر وذلك لأنه يشير إلى الأشهر القمرية، وهكذا الحال في معظم أحرف الكانجي. هنا نستنتج وجود نظامين لقراءة الكانجي ، الأول ” أونْ يومي on-yomi” وهو قراءة صينية بلكنة يابانية، والثاني “كنْ يومي kun-yomi” وهو قراءة يابانية باللغة المحكية الأصلية.
أما النظام الثاني هي مقطاع “كانا” الصوتية المقسمة إلى هيراغانا و كاتاكانا: وهي حروف صوتية يمثل كل حرف منها مقطعاً صوتياً.
الهيراغانا: يبلغ عدد مقاطعها الصوتية الأساسية ٤٦ مقطعاً، هذا إلى جانب وجود ٥٨ مقطعاً فرعياً تتفرع من المقاطع الأساسية. ومنها أصوات صامتة، وأصوات شبه مجهورة، وأصوات مجهورة. وتستخدم في كتابة الحروف المساعدة كالوصل بين الكلمات والجمل، و لتكملة الكلمات المكتوبة بالكانجي خاصةً عندما تكون أفعال أو صفات، كما تُكتب بواسطتها اللغة اليابانية الأصلية. وهي تستخدم بشكل أكبر من الكاتاكانا.
الكاتاكانا: يبلغ عدد مقاطعها ٤٦ مقطعاً صوتياً وهي نفس أصوات مقاطع الهيراغانا. وتُستخدم عادةً في كتابة الكلمات الدخيلة على اللغة اليابانية. كما تُستخدم في كتابة أسماء الأشخاص الأجانب والأماكن التي تحمل اسم غير ياباني واسماء الدول الأجنبية أيضاً. هذا إلى جانب إستعمالها في المصطلحات العلمية وللتعبير عن أصوات الحيوانات.
بالطبع هذه الأنظمة الثلاثة لا غنى عنها في اللغة اليابانية، إذا لا يمكن الكتابة فقط بالهيراغانا والكاتاكانا بدون إستعمال الكانجي في النصوص. وذلك لأنه يوجد الكثير من الكلمات اليابانية المتشابهة لفظاً وكتابتاً فتكون القراءة صعبة ومشوشة. لذلك حروف الكانجي تعتبر مهمة جداً في اللغة اليابانية للتميز وقراءة النصوص بسهولة.
الاختلاف الثالث عن اللغة العربية: القواعد اليابانية
تختلف اللغة اليابانية بشكل كبير جداً عن اللغة العربية في القواعد النحوية، حيث تتميز بعدم وجود صيغ للتمييز بين المذكر والمؤنث. مثلاً كلمة ( سينسي-先生)وتعني معلم أو معلمة. كما لا تتغير الأفعال والأسماء في حال الإضافة والجمع والتأنيث ،مثال: جملة “المعلم رائع” قد تعني هذه الجملة معلم واحد أو أكثر، وقد تعني معلمة أو معلم. والسبب في عدم تغيير الاسم هو أن الخبر أو الفعل لا يرتبطان بنوعية المبتدأ أو الفاعل، ولا يرتبطان بالجمع ولا بالتأنيث ولا بالمذكر حتى أنه لا يتأثر بالعدد أو بالزمن ولا بالضمائر.
و من الجدير بالذكر أن اليابانية تكتب من اليسار إلى اليمين، كما وتكتب من أعلى إلى أسفل من اليمين إلى اليسار وتسمى هذه الطريقة باسم (الكتابة الرأسية).
كما تختلف اللغة اليابانية عن اللغة العربية بوجود صفة التمييز بين الجماد والعاقل. مثلاً يشار إلى العاقل في جملة (توجد قطة猫がいます)، (نيكو猫 ) وتعني قطة، (が) هي أداة وصل للاسم. ثم يأتي التمييز وهو( います – إيماسُ ) وتوحي بأن الشيء عاقل أو حي.
على عكس جملة (توجد كيكة ケーキがあります)، (كيكيケーキ)وتعني كيكة، ثم أداة الوصل (が)، ثم يأتي التمييز بأن الشيء جماد أو طعام (أريماسُあります). كما لاحظنا أن كلمة كيكة كتبت بالكاتاكانا وهذا لأنها كلمة دخيلة على اللغة اليابانية.
لننتقل إلى الإختلاف الأكبر وهو اختلاف البناء اللغوي في اللغة اليابانية بعكس بناء اللغوي في اللغة العربية. مثلاً تنتهي الجملة الفعلية في اللغة اليابانية بالفعل وتبدأ بالفاعل، ويأتي داخل الجملة الأفعال المساعدة أو مكملاتها من جار ومجرور ومفعول به وإلى آخره وهذا عكس اللغة العربية تماماً. مثال:
اللغة العربية: درس ماكو سان اللغة العربية في الساعة الثامنة.
اللغة اليابانية:まこさんは8時にアラビア語を勉強しました
القراءة بأحرف لاتينية: Mako-san wa 8-ji ni Arabia-go o benkyō shimashita.
نجد ترتيب الجملة في اللغة اليابانية كالتالي: فاعل : ماكوسانまこさん، ثم حرف مساعدは ،ثم لاحقة زمنية: الساعة الثامنة 8時، ثم حرف جر”في”に، ثم مفعول به اللغة العربيةアラビア語، وأخيراً الفعل درس勉強しました.
أما عند النظر في استخدامات الضمائر المنفصلة مثل (أنت، هو، هي، هم والخ)، نجد أن اليابانيون يتجنبون استخدامها كثيراً وخاصةً الضمير المخاطب (أنت- あんた)، حيث يعتبرون التحدث بمثل هذه الضمائر مباشرةً هو تعبير غير مؤدب وغير محبب.
ولكن قد يستعمل الشخص الأكبر سناً هذا الضمير مع الشخص الأصغر سناً ولكن لا يجوز العكس. حيث يفضل اليابانيون مناداة بعضهم البعض باستخدام اسم العائلة أو الاسم الأول مباشرةً مع إضافة ألقاب التهذيب التي تشير إلى المكان الأجتماعي أو مهنة العمل.
هل اللغة اليابانية صعبة بالنسبة للعرب أم سهلة؟
قد يعتقد الكثير من العرب أن اللغة اليابانية صعبة للغاية وأنه من الصعب جداً دراستها أو حتى كتابتها، وقد يعتقد بعضهم أن اللغة اليابانية هي مثل اللغة الصينية في الكتابة، أو قد يخافون من دراستها بسبب وجود أحرف الكانجي. في الواقع اللغة اليابانية هي قريبة من اللغة العربية في بعض المرادفات التي ليس لها معنى مماثل أو مشابه إلا في اللغة العربية. مثل كلمة أنت (أنت-あんた) وهي نفس اللفظ ،وكلمة يعطيك العافية (أوتسكاري ساما- お連れ様)، أيضاً كلمة سموك أو سمو التي تستخدم للشخص النبيل في المكانة العالية تشبه كلمة (ساما-.さま) هذا فقط نبذة من مرادفات كثيرة متشابهة.
كما تتشابه اللغة اليابانية في المقاطع الصوتية مع اللغة العربية فلا يوجد بها أصوات يصعب على العرب نطقها. كما وتتميز اللغة اليابانية بوجود حرف لكل مقطع صوتي، هذا إلى جانب عدد المقاطع الصوتية القليل الذي يُسهِل على الدارسين للغة اليابانية كتابة الكلمة عند سماعها كما هي دون أن يدرسها من قبل، وهذا بسبب التشابه الشديد بين ما يسمع الدارس ويكتبه، على عكس بعض اللغات الأخرى التي تحتوي على أصوات لا تكتب وحروف لا تلفظ .
وكدارسة للغة اليابانية أعتقد أن القواعد اليابانية سهلة جداً مقارنةً بالعربية، فلا يوجد بها الكثير من التفاصيل المعمقة فهي مباشرة وقليلة. أما بالنسبة لحروف الكانجي، يمكن استعمال الخيال لمقارنة معانيهم بشكلهم التصويري ولكن يجب المواظبة على نسخهم من أجل الحفظ.
وهكذا أعتقد أن اللغة اليابانية ليست بتلك الصعوبة وأيضاً ليست بتلك السهولة، بل إنها معتدلة ويمكن اتقانها بالدراسة المنظمة والصحيحة حتى وإن لم تتوافر المدارس التعليمية، حيث يمكنكم استعمال الانترنت ومراجعه المختلفة لتعلم اللغة اليابانية في البيت وقتما شئتم. إن كنتم تفكرون في دراستها فلا تترددوا واخطوا للأمام، فالتقدم يبدأ بخطوة واحدة.
جومناساي تعني بالعربي (انا اسف
اريغاتوا يعني (شكرا
نعم هذا صحيح! شكرا لك على القراءة
ありがとー💕✨
こちらこそありがとうございます🥰
مقال رائع حقا ❤️ شكرا جزيلا لكم
لقد استفدت منه كثيرا ❤️❤️
لقد بدأت بدراسة اليابانية مؤخرا .. أنها لغة ممتعة و رائعة و القواعد الخاصة بها ليست بتلك الصعوبة كما في اللغة العربية
شكرا لكم مقال مفيد ❤️❤️
ونحن نشكرك على القراءة والاستفادة معنا! معرفة أنك بدأت بتعلم اللغة اليابانية أمر يسعدنا جداً! بالفعل إنها ممتعة للغاية إن واجهتك بعض الصعوبات لا تستسلمي وابذلي جهدك في مواجهتها! نحن نشجعك 🥰
شكرا مقالة رائعة واستفدت حقا من قرائتها فاغلب ما نجده في الانترنت لدراسة اليابانية يتم باسقاطه على الانجليزية ونكاد لا نجد شيئا حول مناقشة النحو الياباني بالعربية. كانت رؤية ترتيب الجملة باليابانية بوجهة نظر لغتنا الام بالشيء الجميل حقا.
شكراً جزيلاً لك على قراءة المقالة واخبارنا برأيك الجميل! هذا صحيح. لذلك نحن سنبذل جهدنا في هذا المشروع لتوفير كل شيء لكم باللغة العربية حتى نعمل على تعميق العلاقات بين اليابان والعالم العربي. نتمنى لك الاستمتاع والاستفادة معنا. 🥰
مجهود طيب، المرجو تشكيل الكلمات عند كتابتها بالعربية حتى نتمكن من معرفة طريقة النطق الصحيحة…
لقد بدأت اطوق شوقا لمعرفة المزيد عن اليابان واللغة اليابانية والثقافة اليابانية…
المرجو وضع مقالات عن مختلف مجالات الثقافةاليابانية كفنون القتال والساموراي والتاريخ الياباني والزراعة وما الى ذلك…
شكرا جزيلا…
شكراً جزيلاً لك على قراءة مقالاتنا دائما! وسنعمل على تشكيل الكلمات بالتأكيد. نحن سنقدم لكم المزيد من المعلومات المتنوعة عن اليابان لذلك نتمنى لك الاستمتاع معنا كل يوم.
اليابان هى الدولة التى يمكن أن نطلق عليها دولة اسلامية بدون إسلام حيث يسود فيها الكثير من المعاملات التى تتسم بروح التسامح والود والمحبة والسلام
نعم هذا صحيح! إذا أردت تجربة العدل والمساواة والنظام والاحترام فعليك باليابان. شكراً جزيلاً لك ونحن نتمنى لك زيارة اليابان يوما ما!