تقع محافظة توياما في منطقة تشوبو في البر الرئيسي “هونشو”، ويحدها من الغرب محافظة إيشيكاوا، ومن الجنوب محافظة غيفو، ومن الشرق محافظة ناغانو، ومن الشمال الشرقي محافظة نيغاتا. بينما يبلغ عدد سكانها حوالي 1.050,000 نسمة. أما عاصمتها هي توياما وهي من أكبر مدنها.
وتتميز محافظة توياما بخليجها الجميل الذي يقطن معظم السكان فيه، وهو أحد أكبر الخلجان في اليابان. كما وتعد محافظة توياما محافظة صناعية رائدة على ساحل بحر اليابان، حيث تتمتع بميزة الكهرباء الرخيصة التي تستغلها من الموارد الكهرومائية الوفيرة.
أما عند النظر في طبيعة هذه المحافظة الجميلة فهي متنوعة تحتوي على جبال وبحيرات ساحرة تجذب السياح من جميع أنحاء العالم. وقد تم تخصيص حوالي 30% من مساحة المحافظة كمتنزهات وطنية. وفي هذه المقالة سنذهب في جولة سياحية ممتعة في مواقع متنوعة ومشهورة. لنبدأ جولتنا السياحية.
سد كوروبي
يقع سد كوروبي على طريق جبال الألب تاتياما كوروبي، ويُعتبر أكبر سد خرساني على شكل قوس في اليابان وهو من أشهر الأعمال الهندسية فيها. وقد استغرق بناؤه حوالي ثماني سنوات واكتمل عام 1963م. بينما يبلغ ارتفاع السد حوالي 186 متر وطوله حوالي 492 متر. وتعد تجربة عبور هذا السد سيراً على الأقدام تجربة مميزة، حيث يحيط به من مناظر خلابة تتغير مع الفصول. ولاسيما تصميمه المميز الذي يسمح للجميع التمشي فوقه والاستمتاع بتصميمه ومشهد البحيرة من أعلى.
أما في فترة شهر يونيو إلى شهر أكتوبر، يقوم السد بصرف المياه في مشهد مذهل يوضح لكم قوة الطبيعة الهائلة في دفع المياه وكم هي مذهلة هذه التكنولوجيا الحديثة في تركيبة السد. وإذا أردتم مشاهدة مشهد كامل للسد مع الطبيعة من حوله لما لا تصعدوا الدرجات حتى تصلوا لمنصات المشاهدة من أعلى، حيث يوجد حوالي 220 درجة تصل من داخل محطة سد كوروبي وحوالي 280 درجة في السلالم الخارجية.
اصعدوا على مهلكم واستمتعوا في مشاهدة السد من عدة زوايا، وستكونون محظوظين إذا تكون قوس قزح أثناء صرف المياه، حيث يتكون مشهد خيالي لا يمكن نسيانه من شدة جماله.
بعض الانجازات العظيمة تترك وراءها تضحيات، وبالمثل هذا السد العظيم كان تاريخ بناءه مليء بالأحداث المأساوية، حيث لقى 171 عامل مصرعه في حوادث مختلفة أثناء عملية البناء، فتم بناء نصب تذكاري تخليداً لذكرى الذين ضحوا بحياتهم لمستقبل آمن ومشرق في بناء السد. أعتقد أنه من الجيد زيارة النصب وشكر العمال الشجعان على مجهودهم المخلص.
كما ويوجد سفن سياحية حول السد توفر خدمة التجول في بحيرة كوروبي، وهي واحدة من أعلى الأماكن في اليابان. وتكون عادةً الجولة في الجزء الخلفي من السد وقد تستغرق تقريباً نصف ساعة. استمتعوا ببحيرة كوروبي الهادئة وبالطبيعة الخلابة التي تحيط بها.
غوكاياما
في منطقة غوكاياما الريفية يوجد قريتان تتكونا من مباني على طراز “غاشو زوكوري”، وهما قرية “آينو كورا” وقرية “سوغانوما”. ويرجع تاريخ المباني في هذه القرى إلى أكثر من 400 عام. ويحيط هذه المباني الأنهار والجبال شديدة الانحدار التي يتغير جمالها المميز تبعاً للفصول، فمثلاً في فصل الصيف تصبح القرى مغطاة بالأخضر المشرق فتصبح الأجواء يابانية تقليدية ريفية مناسبة للاسترخاء بعيداً عن صخب حياة المدينة.
في الصورة التالية تشاهدون قرية “سوغانوما” التي تم تسجيلها كموقع تراث عالمي لليونسكو مع قرية “آينو كورا”. وتحتوي قرية سوغانوما على 9 مبانٍ على طراز غاشو زوكوري. كما يوجد فيها متحف غاكوياما الشعبي، المبني على طراز غاشو منذ 200 عام وهو مفتوح للجميع، لذا يمكنكم دخوله ومشاهدة تفاصيل بنائه من الداخل. مثل سقفه المصنوع من القش والذي كان يربى فيه دودة القز، كما ويعرض أدوات أخرى مصنوعة من الورق كانت مهمة للعيش في الماضي، ومعلومات تاريخية مهمة عن القرية.
أما في الصورة التالية تشاهدون قرية “آينو كورا” تم تسجيلها كموقع تاريخي عالمي، ويوجد فيها حالياً 20 منزل على طراز غاشو. ويوجد متحف كورا الشعبي مفتوح للجميع، يقدم تاريخ وثقافة منطقة غوكاياما الريفية بطريقة سهلة الفهم مع مقاطع فيديو وثائقية ولوحات.
وفي فصل الخريف تتلون القرى باللون القرمزي الجميل والأصفر فيتكون مشهد مذهل للغاية. وبالتأكيد ليس فقط الجمال الخارجي الذي سيذهلكم، بل يمكنكم أيضاً اكتشاف جمال المنازل وتفاصيلها من الداخل. إذ تضم الكثير من المنازل أماكن لتناول الطعام ومتاجر للهدايا التذكارية، وأيضاً هناك منازل للإقامة مثل نزل تقليدي. مما يتيح لكم تجربة حياة ريفية تاريخية لامثيل لها بين الطبيعة النقية.
ومن المشاهد الخيالية هو عندما تُضاء المصابيح ذات الألوان الدافئة، فتتوهج وتنشر ضوئها ودفئها بين المنازل المغطاة بالثلج في الليالي الثلجية الباردة، فإذا كنتم مقيمين هناك فسوف تندهشون بجمال المنظر وكأن القرية خرجت من عالم القصص الخيالية. وبالتأكيد حتى وإن لم تخططوا للمبيت، يمكنكم مشاهدة الأضواء الليلة وأحداث أخرى مدهشة للإضاءة في أوقات معينة في السنة يتم الإعلان عنها.
قلعة توياما
تقع قلعة توياما في مدينة توياما، وقد شهدت هذه القلعة تاريخاً طويلاً من الاضطرابات. فقد دُمرت وأُعيد بنائها عدة مرات، وفي فترة إيدو أصبحت مركزاً مهماً في المدينة. ولكن لنرجع قليلاً إلى تاريخها، حيث يُقال أن قلعة توياما بناها السيد جيمبو الذي كان وصيًا على مقاطعة إيتشو خلال فترة موروماتشي. في ذلك الوقت كانت قلعة توياما مركز مواصلات يتقاطع فيها طريق هوكوريكو وطريق هيدا، كما وقع في هذه المنطقة منافسات عديدة وشرسة، قاتل في إحداها الزعيم المحارب كينشين أوسوجي.
وعندما توجه أودا نوبوناغا إلى طريق هوكوريكو في خطته لتوحيد اليابان، عمل على تجديد القلعة مع” ناروماسا ساسا” وهو محارب ساموراي قوي في تلك الفترة وأصبح زعيم القلعة. ولكن عندما تعرض نوبوناغا للخيانة في معبد هونوجي من قبل تمرد سببه “ميتسوهيدي أكيتشي”، أصبح جيش أودا هشًا. فكان على “ناروماسا” مواجهة هجوم “أوسوجي” الذي كان على مقربة منه.
ومع ذلك عندما هزم “تويوتومي هيديوشي” مسبب التمرد “ميسوهيدي” قام مباشرةً بمهاجمة “كاتسوي شيباتا”، الذي كان قائد الجيش ورئيسًا لعائلة أودا. في ذلك الوقت كان “ناروماسا” مع جيش “كاتسوي”، ولكن انتصر هيديوشي وطارد “ناروماسا”.
وبعد عدة سنوات عندما حقق إياسو توكوغاوا النصر في معركة سيكيغاهارا، وتم إنشاء نظام إيدو شوغونيت. فعمل على تزويد أكثر من 100.000 حجر لعشيرة توياما، ومع ذلك اختفت العديد من الجدران الحجرية بسبب أضرار الحرب والتنمية الحضرية، ولكن بقيت بعض الجدران والخنادق والآثار الأخرى كمتنزه آثار لقلعة توياما.
ويرجع البناء الخرساني الحالي للقلعة لعام 1954م، وهو تصميم يشابه التصميم الأصلي لها. وقد تم اختيار قلعة توياما التي لعبت دورًا رئيسيًا كرمز لإعادة الإعمار بعد الحرب، وكواحدة من أفضل 100 قلعة في اليابان.
ويوجد بوابة تم نقلها عند المدخل الشرقي للحديقة تُدعى “شيتوس جومون” بناها “توشيهو مايدا” اللورد الإقطاعي العاشر لعشيرة توياما عام 1849م. وهي من الآثار النادرة التي مازلت لوقتنا هذا كما هي.
كما ويوجد في ساحات القلعة حالياً متحفاً يحتوي على العديد من قاعات العرض للتاريخ وأدوات وآثار متبقية. وأثناء مروركم من عند الجدار الحجري للبوابة الحديدية، ستلاحظون وجود أحجار كبيرة متقابلة. هذا التصميم المميز يُدعى “كاغامي” ويعني حجر المرآة. يقال أن هذا التصميم تم استعماله لإظهار كرامة صاحب القلعة وقوته المالية.
حيث يوجد خمسة أحجار مرايا بأحجام مختلفة، ويبدو أنه أمر نادر جداً وجود خمسة أحجار مركزة حول بعضها في هذه المسافة القصيرة.
يقال أنه كان هناك أيضاً حديقة جميلة حول القلعة ولكن يبدو أن بعض المعلومات غير واضحة جيداً. ومع ذلك تم بناء حديقة على الطراز الياباني حول القلعة، قد تكون مختلقة قليلاً عن الحديقة القديمة ولكنها توفر أجواء تاريخية تجعلكم تشعرون بتاريخ اليابان وروحها العريقة. لما لا تستريحوا حولها وتعيشوا الأجواء التاريخية!
ميكوري غا ايكي (بحيرة ميكوري)
تقع بحيرة “ميكوري” في هضبة “مورودو” عند قمة مسار جبال الألب تاتياما كوروبي، وقد تكونت بواسطة ثوران بركاني منذ حوالي 10000 عام. بينما تقع هذه البحيرة على ارتفاع 2405 متر، وتبلغ مساحتها حوالي 30 ألف متر مربع، وعمق مياهها 15 متر، أما محيطها يبلغ حوالي 631 متر.
ويحيط بهذه البحيرة الجميلة طبيعة خضراء مذهلة للغاية، خاصةً في فترة بين شهري يوليو وأكتوبر، حين تعكس البحيرة بشكل كامل وواضح جبال تاتياما في مياهها الصافية فيتكون مشهد مذهل، يجذب تياراً لا ينتهي من السياح وهواة التسلق والطبيعة للتأمل في جمالها المتنوع على مدار العام.
من عند محطة أوجيزاوا يمكنكم الوصول عن طريق ترولي الباص والتلفريك حتى منطقة “مورودو” التي ترتفع حوالي 2450 مترًا فوق مستوى سطح البحر. من هناك قد يستغرق الطريق حوالي 15 دقيقة سيراً على الأقدام حتى “بحيرة ميكوري”. وفي طريقكم قد تجدون “طائر الرعد” الذي تم تعيينه كنصب تذكاري طبيعي، وستمرون بالعديد من أشجار الصنوبر اليابانية الجميلة. استمتعوا بالطبيعة أثناء سيركم في المسارات الآمنة والمريحة التي تبدو وكأنها خرجت من لوحة فنية.
أوصي بالمبيت أو التخييم ليلة واحدة عند زيارتكم هذه المنطقة الخلابة، وذلك لأنه يوجد الكثير من المواقع التي لابد من استكشافها والاستمتاع بجمالها المميز، والذي لا يمكن رؤيته إلا وقت الغروب وفي الليل. هذه الأجواء ستكون مميزة حيث يقل عدد الناس، فيصبح بإمكانكم التأمل بجمال الطبيعة في أجواء هادئة وخيالية. الصورة التالية تظهر مياه البحيرة التي تعكس لون السماء الأزرق بعمق، خاصةً في فصل الصيف والربيع عندما تكون السماء صافية.
أما إذا زرتم البحيرة في فصل الشتاء فستندهشون بجمال البحيرة ولونها الأزرق الغامق الذي يتدرج للفيروزي الزاهي على جوانب الثلج. ويغطي الثلج البحيرة طيلة فصل الشتاء حتى شهر يوليو من كل عام، ولكن في هذا الشهر قد تجدون بعض المناطق التي يذوب فيها الثلج فتظهر الطبيعة بين الثلج الأبيض النقي. إنه مشهد لا يفوت خاصةً لمحبي الثلج.
بعد جولة طويلة بين الطبيعة لما لا تذهبوا إلى الينابيع الساخنة” ميكوري أونسِن” الموجودة بالقرب من البحيرة! استريحوا في حمام ساخن واستمتعوا بالأطعمة اللذيذة مع أحبائكم وأصدقائكم.
تاتياما كوروبي (سنو أوتاني)
كما لاحظنا إن مسار جبال الألب تاتياما كوروبي مكان مشهور ويجذب الكثير من السياح على مدار العام لتنوع الأنشطة وجمال الطبيعة فيه. ومن هذه الأنشطة المميزة والمؤقتة هو مهرجان “سنو أوتاني” وهو عبارة عن جدران ثلج عملاقة وسميكة تشكل ممر يذهب الناس للمشي فيه. ويتم إقامة هذا المهرجان في أعلى قمة عند مسار جبال الألب بالقرب من هضبة “مورودو” وهي أكثر منطقة يتساقط فيها الثلج بكثافة.
ومع ذلك إن منطقة “سنو أوتاني” تُغلق من كثافة الثلج في فصل الشتاء لأنها عبارة عن جرف ثلجي. ولكن مع اقتراب فصل الربيع تبدأ أعمال تحضير الجدران فيتم إزالة الثلج بالجرافات لتجهيزها للزوار والسياح، وعند إعلان الافتتاح يستمر المهرجان لمدة شهرين تقريباً.
في هذا الحدث المحدود يمكنكم المشي في ممر مشاة يُدعى “سنو أوتاني ووك” وهو يقع على بُعد حوالي 500 متر من هضبة “مورودو”. ويعتبر هذا الممر هو الوحيد في اليابان حيث يمكنكم رؤية جدران ثلجية يصل ارتفاعها حوالي 120م.
كما ويوجد بين الجدران مأوى ثلجي يُدعى “نينجا” وهو مكان مثالي لالتقاط صور جميلة بداخله، وما يجعل الرحلة أجمل هي العروض التاريخية والممتعة عن أمراء الحرب والساموراي مثل أودا نوبوناغا وناريماسا ساسا وغيرهم. وبالتأكيد يمكنكم مقابلتهم والتحدث معهم، لذا احرصوا على التقاط صور تذكارية مع شخصياتكم المفضلة.
ومن أجل الاستمتاع بالطبيعة على أكمل وجه، تم إنشاء منعطف ثلجي وهو ممر للمشي على الجانب الغربي من طريق أوتاني الذي يمتد خارج الجدران الثلجية. وهذا المنعطف يُتيح لكم مشهد بانورامي مع سلسة جبال تاتياما التي كانت مخبأة وراء جدران الثلج العالية، لذا احرصوا على لبس أحذية المشي على الثلج من أجل رحلة مريحة وممتعة.
الملخص
كما شاهدتم محافظة توياما تشتهر كثيراً بمواقعها الجميلة حول الجبال وبأماكنها التاريخية والطبيعية. إذا كنتم من محبي الثلج فسوف تحظون بتجربة ممتعة للغاية في هذه المواقع الجميلة. خاصةً في آواخر فصل الشتاء وفي بداية الربيع، ولكن احرصوا على متابعة الاخبار الجوية خاصةً حول منطقة “مورودو”، فإذا كان الطقس سيئاً فهناك احتمال إلغاء الأنشطة في هذه الأوقات، لذا رتبوا جدولكم السياحي في المحافظة اعتماداً على حالة الطقس واستمتعوا برحلة ممتعة.
