كيف يحتفل اليابانيون بعيد ميلادهم؟ نُقدم أصل وثقافة أعياد الميلاد في اليابان!
من المعتاد قضاء أعياد الميلاد الشخصية مع المقربين، مثل العائلة والأصدقاء والأحباء. وعادةً يتم الاحتفال بتناول الكيك المزين بالشموع والحلوى اللذيذة. ولكن هل تعرفون متى وكيف بدأت ثقافة عيد الميلاد الشخصي في اليابان؟ ومن أين أتت ثقافة الاحتفال بعيد الميلاد في الأصل؟
هذه المرة، سُأقدم لكم شرح مبسط عن إجابة هذه الأسئلة مع توضيح طرق اليابان التقليدية والشعبية في الاحتفال بعيد الميلاد في أعمار معينة. لنبدأ جولتنا في ثقافة اليابان!
أصل عيد الميلاد الشخصي
في الوقت الحاضر يتم تسجيل تاريخ الميلاد رسمياً، وعند التحدث عن تاريخ عيد الميلاد، سيجيب الجميع باليوم والشهر والسنة. فكما نلاحظ هناك اهتمام كبير عند التحدث في مواضيع عيد الميلاد الشخصية. ولكن في الواقع، يُقال أن أعياد الميلاد لم تُعتبر مهمة في اليابان منذ القدم لفترة طويلة.
ففي الماضي كان يتم حساب الأعمار من خلال “عد السنوات”، أي عندما يبدأ عام جديد كان الجميع يزيدون سنة واحدة على عمرهم، أي أنهم يكبرون معاً في يوم واحد.
ويقال حتى في خارج اليابان، كان لأعياد الميلاد معنى ديني قوي باعتباره يوماً للاحتفال بميلاد الآلهة وماشابه. ومن أشهر الأمثلة على ذلك، هو “عيد ميلاد المسيح” الذي يحتفل فيه المسيحية بميلاد عيسى عليه السلام.
أما بالنسبة للاحتفال بعيد ميلاد الشخص، فإن تاريخ بدايته ليس واضح. ولكن يقال أنه في ألمانيا تحديداً في القرن الخامس عشر، أقيمت حفلة عيد ميلاد للأطفال تسمى “Kinderfest”. في ذلك الوقت، كان يُعتقد أن الأرواح الشريرة ستأتي في عيد ميلاد الطفل، لذلك كان يصلون بإضاءة الشموع على كيكة عيد الميلاد طوال اليوم لحماية الطفل. وعندما ينتهي اليوم يطفئون الشموع ويقسمون الكيك ويأكلونه.
ويقال أن تناول كيك عيد الميلاد في أعياد الميلاد الشخصية، قد وصلت إلى الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر وإلى اليابان بعد الحرب .
متى بدأت عادة تناول الكيك في أعياد الميلاد؟
في الأصل، لماذا تم اختيار الكيك للاحتفال بأعياد الميلاد؟ في الواقع يعود أصل كيك أعياد الميلاد إلى العصر اليوناني القديم. حيث كان يحتفل الإغريق بميلاد آلهة القمر “أرتميس”، فخبزوا كيك بالعسل في شكل مستدير يحاكي شكل القمر، وأضاءوا الشموع على الكيك لإظهار ضوء القمر، وقدموه لآلهة القمر آرتميس.
فعند النظر إلى أن الاحتفال بأعياد الميلاد كانت عادة تعود إلى تاريخ عريق، ندرك بذلك أن أعياد الميلاد مقدسة للغاية ومميزة.
متى بدأ الاحتفال بعيد الميلاد الشخصي في اليابان
في الواقع بدأت عادة الاحتفال بأعياد الميلاد الشخصية تنتشر في اليابان في العصر الحديث. ففي عام 1945م تم سن “قانون كيفية التعامل مع العمر”، وأصبح من الشائع حساب العمر عند بلوغ سن الرشد بدلاً من عد السنوات. وفي تلك الفترة تم تأسيس فكرة الاحتفال بعيد الميلاد الشخصي.
ولكن يبدو أن مفهوم “عيد الميلاد الشخصي” بحد ذاته كان موجود في اليابان بطريقة ما. حيث يُقال أن الأمير المحارب المشهور أودا نوبوناغا، الذي تأثر بالثقافة الأوروبية التي وصلت إلى اليابان خلال فترة أزوتشي موموياما، قد احتفل بعيد ميلاده إلى جانب الحلوى.
ومع ذلك، في تلك الفترة لم يكن هناك وعي عن “تاريخ” عيد الميلاد الشخصي ولم تكن هناك عادة السؤال عنه. ولذلك لم تنتشر عادة الاحتفال بعيد الميلاد الشخصي حتى إصدار قانون عام 1945. وعلى الرغم من أن عادة الاحتفال بعيد ميلاد بدأت في عام 1945، إلا أن استعمال الكيك والشموع للاحتفال بمختلف أعمار الناس بدأ في وقت لاحق بعد الحرب العالمية الثانية.
عادات الاحتفال بعيد الميلاد التقليدية
قبل فترة طويلة من بدء الاحتفال بعيد الميلاد الشخصي، كان يوجد في اليابان احتفال تقليدي له علاقة بعيد الميلاد يُدعى “شيشي غو سان” ويعني حرفياً “سبعة خمسة ثلاثة”.
وهو طقوس تقليدية ومهرجان في اليابان للأطفال الذين تعدى أعمارهم الثلاث والسبع سنوات للفتيات، والثلاث والخمس سنوات للفتيان. ويقال أن هذا الاحتفال كان موجود منذ فترة موروماتشي، ومازالت هذه الطقوس تقام في 15 فبراير من كل عام.
ففي الماضي، لم تكن الرعاية الطبية متقدمة كما هي الآن. وكانت التغذية سيئة، ولذلك كان الكثير من الأطفال لا يتحملون المرض ويموتون. فتم إنشاء هذه الطقوس للشكر لنمو الطفل بصحة وسلامة حتى عمر الثلاثة والخمسة والسبعة، والدعاء لنمو أكثر بصحة.
كما نرى يتم الاحتفال بنمو الفتيان في سن 3 و 5، أما الفتيات في سن 3 و 7 سنوات. ولكن هل تعلمون أن لكل عمر معنى؟
مثلاً عمر 3 سنوات، يعني أن شعر الفتاة والفتى بدأ بالنمو جيداً. أما عمر 5 سنوات، يرتدي فيه الفتى “الهاكاما” لأول مرة، وهو بنطال مثل التنورة يلبسه الرجال البالغين. بينما عمر 7 سنوات، ترتدي فيه الفتيات “أوبي” وهو حزام الكيمونو العريض، وهو لباس النساء البالغات.
ويعتبر “شيشي غو سان” حدثًا مهماً للآباء حيث يشعرون بأن أطفالهم ينمون بسرعة وبسلام، بينما يعتبر حدث مشوق للأطفال لأنهم يرتدون فيه الملابس التقليدية الجديدة والمزخرفة ويسرحون شعرهم، فيشعرون وكأنهم أصبحوا كالكبار.
وكما يوجد حفل تقليدي آخر وهو “سيجين شيكي” ويعني “حفل بلوغ سن الرشد”، وهو تقليد بدأ في اليابان بمراسم تسمى “غينبوكو” كانت موجودة منذ فترة نارا (710 – 794 م) للاحتفال بالبلوغ عند سن الـ15 تقريباً. والآن يتم الاحتفال فيه عند بلوغ سن الـ20 عاماً وهو سن البلوغ في اليابان.
ويقام هذا الحفل في يوم الإثنين الثاني من شهر يناير من كل عام، حيث يرتدي كل من الشباب والفتيات لباس الكيمونو والهاكاما أو البدلة الرسمية. وخاصةً يكون هذا اليوم مميز للفتيات، حيث يذهبن إلى الصالون لتصفيف الشعر والتزيين، ليصبحن في أجمل طلة.
وينتشر جميع الشباب والفتيات في طريقهم إلى القاعات العامة في المدن والبلديات للاحتفال ببلغوهم سن الـ20، حيث يتم تشجيعهم وتحفيزهم على الاعتماد على النفس بعد أن انتهت فترة الطفولة التي كان يرعاهم فيها الوالدان والراشدون من حولهم، ليخطوا بذلك إلى مجتمع الراشدين.
حيث يتم تنظم حفلات جميلة وعروض وتُلقى المحاضرات وتُوزع الهدايا التذكارية في مراسم احتفالية لتشجيع ومباركة الشباب والفتيات.
الخلاصة:
تعرفنا في هذه المقالة على معلومات عامة عن أصل ثقافة أعياد الميلاد، وطرق اليابان التقليدية في الاحتفال في عيد الميلاد الشخصي. حيث مازالت هذه العادات التقليدية مستمرة حتى يومنا ويتشوق لها الكبار والصغار.
أما بالنسبة لعادة الاحتفال المشهورة، فقد انتشرت بشكل تام في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، حيث يتم الاحتفال بأعياد الميلاد الشخصية كباقي الدول بشراء الكيك أو حلوى والاجتماع مع العائلة والأحباء وماشابه.
إنه لمن الجميل الحفاظ على التقاليد الجميلة في هذا العصر الحديث، حيث يشعر الكبار والصغار بأنهم مميزون للغاية عندما يرتدون اللباس التقليدي المزخرف، وخاصةً عندما يتم تهنئتهم والاحتفال معهم.
إذا كان يوجد في بلادكم طريقة تقليدية لها علاقة بعيد الميلاد الشخصي نتمنى أن تشاركونا. واشكركم على القراءة.